جاءت نتائج الاستفتاء الشعبي يوم ١٩ مارس ٢٠١١م بنعم على التعديلات الدستورية بعد أن حشد لها الإخوان جيدا حتى أنهم أطلقوا عليها فى ذلك الحين بـ”غزو الصناديق” ونجحوا في الاستخواذ على أغلب المقاعد في مجلس الشعب بعد انتخابات هزلية فاقت في قباحتها انتخابات مجلس الشعب في عام ٢٠١٠م ، ثم استحوذوا بعدها بقليل على مقاعد مجلس الشورى ، وسلم المجلس العسكري السلطة التشريعية لمجلس الشعب في مشهد كان يشكك الإخوان في حدوثه ، لكن خزلتهم قواتنا المسلحة بصدق نواياها وشرف كلمتها ، وبدلاً من توجيه الشكر للمجلس ورجاله استمر الاخوان في توجيه التهم الباطلة والسباب الوضيع لهم دون اعتبار لهيبة مناصبهم وسجل بطولاتهم وتضحياتهم ووطنيتهم ، فالإخوان لا يعترفون بالجيوش ولا بالحدود ولا بالأوطان ، وكان في نيتهم تفكيك جيش مصر العظيم لاحقاً لكنهم وكالعادة أساءوا الفهم والتقدير ، وفي غفلة معتادة منهم تناسوا أن الجيش المصري ليس كأي جيش آخر فهو لا يرضخ ولا يهتز ولا ينقسم ولايتفكك .
رأينا تحت قبة البرلمان في المجلسين تجاوزات وأفعال لا يتصور أحد أن تصدر من أناس من المفترض أنهم نواة المجتمع وممثلين عن الشعب !
وبعد أن أعلن الإخوان أكثر من مرة بأن لا نية لهم في الترشح على مقعد الرئيس وأن تركيزهم ينصب فقط على المجالس والنقابات ، تراجعوا بضغط من قوى خارجية وقدموا أكثر من مرشح في الانتخابات الرئاسية لم يحظ أي منهم بقبول أوراق ترشحه لأسباب مختلفة ، فكان القرار الدفع بالدكتور مرسي الذي لم يصدق الإخوان أنفسهم فيما بعد بأنه أصبح رئيساً لمصر ، ولم تدم فرحتهم سوى (٣٦٨) يوماً بالتمام والكمال ثم عادوا إلى مخابئهم وإلى اجتماعاتهم السرية في الغرف المظلمة التي يجدون أنفسهم فيها ، ترك الإخوان الحكم بغير رجعة برغبة وإصرار من الشعب وبتحرك مسئول من الجيش الذي سبق لهم وأن اهانوا قياداته ، وقللوا من قوته وقدراته وانحيازه للوطن .
عاني المصريون كثيرا خلال فترة حكم الدكتور مرسي ، على المستوى المعيشي ، فقد زادت الأسعار وارتفعت البطالة ، وانعدمت الخدمات وتفاقمت الأوضاع سوءاً خاصة بعد النقص الحاد في إمدادات الوقود ومشتقات الطاقة التي انعكست سلباً على المخابز وحركة المرور والكهرباء التي كانت تنقطع بالأيام وأدت إلى تعطيل أجهزة المصريين المنزلية ، فكان الخراب يأتيهم من كل اتجاه .
وعانت مصر الدولة على المستوى الاقتصادي من سنة حكم الإخوان أشد المعاناة ، فقد ارتفعت فواتير نفقات القصور الرئاسية ، والرحلات الخارجية ، والحراسات الشخصية ، والفعاليات الرسمية ، ولقد خفضت وكالة “ستاندرد آند بورز” التصنيف الائتماني لمصر إلى “c”، وكان ذلك هو التخفيض الرابع على التوالي خلال مرحلة الاخوان ، ودخلت مصر إلى منطقة خطرة، وفقدت ثقة المجتمع الدولي في قدرتها على سداد القروض ، وبعد أن كان الإخوان قبل تسلمهم حكم مصر من أشد المعارضين للحصول على قروض خارجية ويعتبرونها ربا محرم ، أصبحت حلالا بعد وصولهم للحكم وراحوا يتوسلون المنظمات الدولية لإقراض مصر ، وحين لم يتمكنوا من استيفاء اشتراطات الحصول على القروض من الخارج لجأوا لحبيبتهم قطر ، فأقرضتهم (8) مليار دولار ترد عند الطلب وبفائدة مضاعفة .
اللوات الستة ؟
لو أكتفى الإخوان بما حصلوا عليه من مكاسب ولم يأخذهم الطمع للوصول لكرسي الرئاسة ، لاستطاعوا أخونة أجهزة الدولة بالكامل وتحكموا في مفاصلها وانفردوا بصنع القرار !
لو تحلى الإخوان بالصبر قليلاً وأجلوا تنفيذ مخططاتهم الخبيثة لما بعد نهاية الفترة الأولى من الرئاسة لضمنوا الفوز بانتخاباتها لفترة ثانية ، ونالوا ما تمنوا .
لو استخدم الإخوان قدر قليل من الذكاء ووافقوا على مطالب الشعب بإلغاء الإعلان الدستوري وتعديل الدستور ، ومحاكمة المتهمين بتعذيب المواطنين عند قصر الاتحادية (محاكمات صورية) ، لنجحوا في خداع الشعب .
لو كان مرشد الإخوان فطيناً لأمر الدكتور مرسي بالتجاوب مع بيان القوات المسلحة الأول ، وأعلن عن قبوله بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ، للتظاهر بالوطنية وحرصه على مصلحة الوطن .
لو كانوا فعلوا ذلك لنجح مرشحهم بسهولة لهيمنتهم على المجالس المحلية وقدرتهم على الحشد والتلاعب في النتائج ، وحينها لم يكن للشعب المسكين حجة يستند عليها للتخلص منهم .
لو رضخ الدكتور مرسي لطلب الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك عندما طالبه بالتنحي لإراقة الدماء والمحافظة على وحدة الشعب المصري ، ما كان إعلان ٧/٣ الذي أعاد الحكم للشعب ، وقضى على المؤامرة الإخوانية .
لو كان الإخوان نجحوا في تنفيذ هذه اللوات الستة ، لنجحوا في الاستمرار في الحكم ، أو على الأقل ضمنوا الاستمرار في المشهد السياسي على آمل أن يعودوا ولو من بعيد ولكن بعد مرور (٨٠) سنة أخرى .
ولمحدودية ذكائهم ، فإن ذلك لم يحدث ، ولله الحمد ( انتهى )