وبينما كان الجميع في حالة غليان من مشهد جريمة القتل المروعة التي ارتكبها الجاني محمد عادل من أمام احدى بوابات جامعة المنصورة وراحت ضحيتها الفقيدة نيرة أشرف ، يترقبون بفارغ الصبر لحظة مثوله أمام المحكمة للإدلاء باعترافاته حول الجريمة والأسباب التي دفعته لارتكابها ، يطالبون بحق الضحية والقصاص العادل من الجاني ، فاذا بالقاتل المتفوق دراسيا وبذكاء ملموس أو بعفوية محسوبة يكسب ود معظم الرافضين لجريمته وتتحول نظرات الغضب منه الى التعاطف الكامل معه ، فكيف استطاع الجاني أن يبدل مشاعر الأغلبية من النقيض الى النقيض وهو الذي لم ينف تهمة القتل العمد عنه مقرونة بسبق الاصرار والترصد ، وقد خطط لجريمته تخطيطا دقيقًا محكمًا ولَم يبد ندما على فعله ، ومن فرط اعترافاته لم يجد القاضي بدا من انزال حكم الاعدام به .
لا أنكر أنني مثل الكثيرين تعاطفت معه حين شاهدته واستمعت الى اعترافاته خلال الجلسة الأولى من المحاكمة فقد كان بليغا مفوها وهو يجيب على أسئلة القاضي ، فعندما يتحدث شابا في مثل سنه بنبرة المظلوم والمغلوب على أمره ، يستعطفك حاله ، شاب ضاع مستقبله ودمرت حياته بسبب جريمة دفع لها دفعا بعد أن قامت الضحية باستغلاله والتقليل من شأنه والاستهزاء به (حسب تخيله ووفقا لأقواله) .
نعم تعاطفت معه لكن تعاطفي لم يدم طويلا فالكيفية التي نفذ بها الجريمة لا يقوى على فعلها أي انسان طبيعي لديه بصيص من الانسانية ، نعم القتل هو القتل مهما كانت الوسيلة (خنقا ، دهسا ، طعنا ، طلقا بالرصاص ) كله قتل وفاعله قاتل ، انما الذبح أو النحر ففاعله مجرم بل وشديد الاجرام حتى وان كان ظاهره الطهر والطيبة .
“مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا”
أحبابي هل يمكن أن يصل تعاطفكم مع هذا الشاب الى حد تبرير جريمته والمطالبة بتبرئته أو عتق رقبته ، انه متهور وان لم يكن قد قتل نيرة ، فإنه كان سيقتل أي شخص يختلف معه في المستقبل وبنفس هذه الوحشية ولأتفه الأسباب ، وربما يكون المقتول أقرب الناس اليه .
آلاف من الشباب مروا بنفس تجربته بل أقسى وأمر منها ، لكنهم لم يفعلوا مثلما فعل .