بسم الله الرحمن الرحيم»
شعب مصر العظيم،
الإخوة والأخوات عمال مصر الشرفاء،
أتحدث إليكم اليوم احتفالاً بعيد العمال… وأتوجه إليكم جميعاً فى أرجاء مصر العزيزة، بتحية اعتزاز لجهودكم المتميزة وسواعدكم المنتجة على طريق العمل والعطاء والإنجاز، وتعزيز مسيرة التنمية والبناء… تحية تقدير إليكم عمال مصر وقاعدة هذا الوطن للانطلاق نحو تغيير الواقع، وبناء حاضر ومستقبل نتطلع إليه جميعاً.
وأقول لكم وبكل صدق، أنه لا يوجد معيار أدق من العمل، للتعرف على معدن الإنسان… الذى تُقدَر قيمته بما يؤديه من خدمة وعمل لأمته، كركيزة أساسية لبناء المجتمع… فجميع الحضارات الإنسانية قامت بسواعد العمال الذين أسهموا بجهودهم وفكرهم فى إعلاء أوطانهم، حتى صار عيد العمال رمزاً للعطاء والتضحية.
عمال مصر الشرفاء..
إن حرص الدولة على الاحتفال سنوياً بعيد العمال… يجسد فى جوهره احترامها العميق لما يقدمه العمال من إسهام فى شتى ميادين الإنتاج، ويؤكد دورهم الوطنى المهم والرئيسى فى دفع مسيرة البناء والتطوير… وبهذه المناسبة… فإننا نؤكد أن العامل المصرى هو المحور الحقيقى للتنمية، وتعزيز مسيرة اقتصادنا الوطنى… واعلموا أن الوطن يتطلع دائماً إلى ثـمرة جهدكم وعملكم الدءوب والمخلص.
ولقد ضرب المصريون عبر العصور المثل فى إعلاء قيمة العمل فى شتى المجالات، من منطلق حرصهم على بناء وطن طابعه الكفاح الشريف والنية المخلصة… وباتت الإنجازات المتلاحقة والمشروعات العملاقة التى تحققت فى مصر على مدار السنوات الأخيرة، لا سيما فى مجالات البنية الأساسية والتجمعات العمرانية الجديدة والطاقة وغيرها من المجالات، شاهداً على أصالة الإبداع وقوة الإرادة المصرية للتقدم وبناء مستقبل أفضل، وتكوين اقتصاد قومى قوى وراسخ، وقاعدة صناعية حديثة تكون بمثابة قاطرة لهذا الاقتصاد… كما أكدت للجميع سلامة المسيرة التنموية وصدق توجهاتها وسعيها الجاد لتحقيق الواقع الأفضل والحياة الكريمة لكل مواطن.
الإخوة والأخوات..
لقد عانت مصر خلال السنوات الماضية من تحدياتٍ جسيمة… ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية… ولعلكم كنتم تدركون أنه لا سبيل للتغلب على تلك التحديات سوى بالعمل الجاد والمستمر، والصبر على النتائج… فالأمم لا تبنى إلا بمجهودات أبنائها المخلصين، وليس بالأمانى والشعارات.
وأؤكد لكم أنه لولا برنامج الإصلاح الاقتصادى الشامل، الذى تحمله شعب مصر… لما كان من الممكن أبداً وضع حلول جذرية لمشكلات الاقتصاد المصرى المزمنة… التى تراكمت وتفاقمت عبر سنوات وعقود طويلة دون حلول حقيقية… وهو ما عملت الدولة على مواجهته بإجراءات علمية شاملة، حتى وإن كانت قاسية.
ولقد بدأت بشائر الإصلاح الاقتصادى تنعكس بالأرقام على تحقيق معدلات إيجابية للنمو… كما تكلل التوجه الإصلاحى للدولة بتدشين عقد اجتماعى جديد… وليس أدل على ذلك من حزمة الإجراءات التى تم إعلانها أخيرا… وشملت، ضمن أمورٍ أخرى، زيادة الأجور لجميع العاملين فى الدولة، وزيادة الحد الأدنى للمعاشات، وإقرار علاوة دورية سنوية وعلاوة استثنائية… وهى القرارات التى تؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، عبور مصر لمرحلة عصيبة من تاريخها… وتعكس تقدير الدولة لحجم التضحيات التى تحملها شعب مصر العظيم، الذى كان شريكا فى الإصلاح… فالمواطن المصرى هو البطل الحقيقى فى إنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى، وتحمل الكثير من أجل عودة الثقة فى الاقتصاد المصرى ووضعه على الطريق السليم… ليس فقط للجيل الحالى ولكن للأجيال القادمة من أولادنا وأحفادنا.
شعب مصر العظيم
إننا نجد أنفسنا اليوم أقوى عزما وأشد تصميما على المضى معاً نحو المستقبل بخطوات واثقة مستقرة فى ظل مؤسسات وطنية راسخة… فلقد صنعتم منذ أيام ملحمة وطنية جديدة سيظل يتذكرها تاريخ مصر المعاصر بكل فخر واعتزاز… ولقد أبهرتم العالم كعادتكم بخروجكم بالملايين من كل الفئات لممارسة حقكم الدستورى بالمشاركة فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية… وذلك فى مشهد حضارى يضاف إلى كل المشاهد الوطنية فى حلقات التاريخ، التى دائماً ما أكدت أنكم الحامى الحقيقى لهذا الوطن… متسلحين فى ذلك بفطرة قومية لا غبار عليها، ووعى وطنى مدرك للتحديات المحيطة بمصرنا الحبيبة… ومؤكدين حرصكم على استكمال مسيرة البناء والعطاء والتنمية والإنجازات… ومجددين العهد على أن المصريين جميعهم سيظلون متكاتفين على قلب رجل واحد ضد كل المحاولات التى تهدف للنيل من هذا الوطن.
عمال مصر الكرام..
إن ما نشهده اليوم من تغيرات متسارعة فى أساليب العمل والإنتاج، تدفعنا إلى المنافسة والمشاركة والمتابعة من خلال التدريب والاطلاع على تجارب الأمم الأخرى وإطلاق إرادة الإصلاح والتحديث فى نفوسنا لنكون قادرين على تطوير قدراتنا نحو الأفضل، والتأثير بالإيجاب فى ركب الحضارة الإنسانية.
وأؤكد لكم اليوم أن من يرد أن يجد له المكان المناسب فى العصر الحديث، فينبغى أن يتحلى بأعلى درجات التفانى والاتقان فى عمله، وأن يجتهد لاستيعاب ثورة المعلومات والطفرة الهائلة التى يشهدها العالم فى الابتكارات وتطبيقات التكنولوجيا البازغة.
وفى الختام… أذكركم بأن العمل هو الفضيلة التى تفصل بين الحلم والواقع… وإن مصر لتمضى قدماً بكل السبل فى تجسيد هذا الشعار من خلال تبنى نهجا تنمويا طموحا وشاملا ومستديما، من أجل مستقبل أفضل لأجيال شابة وصاعدة… ونحن على ثقة تامة، بأننا بالإرادة والعزم، قادرون بعون الله تعالى على تحقيق رؤيتنا المضيئة التى نحلم بها لهذا الوطن.
فتحية لكل عامل من أجل الوطن فى جميع المواقع… فأنتم الركيزة المتينة لهذا المجتمع، وسبيله الرئيسى للبقاء والاستمرار، وقوته الدافعة نحو النمو والازدهار… وأؤكد لكم أنكم ستجدوننى دائما إلى جانبكم، منحازاً لقضاياكم، وداعماً لحقوقكم… وأجدد لكم عميق اعتزازى بكم وبعطائكم وعزيمتكم الصادقة، وأهنئكم جميعاً بعيدكم وكل عام وأنتم بخير.
وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».