منذ ساعات قليلة قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذ ضربة عسكرية لثلاث مواقع نووية على رأسهم مفاعل ” فوردو ” أكبر المنشآت النووية الإيرانية..
والهدف من هذه الضربة هو إما الجلوس على مائدة التفاوض مرة أخرى لإعلان الإستسلام ” وبلا شروط ” أو تنفيذ أوامر عسكرية أخرى لأمريكا بإنهاء النظام القائم ـ وليس المرشد الحالي ببعيد عن يدهم ـ.
وفي ظل ما يحدث داخل الحرب بتوالي الضربات وتبادلها بين إسرائيل وإيران.. وفي ظل أن إسرائيل قضت تمام على الدفاعات الجوية الإيرانية وفي ظل أن إيران لم يمنعها من ضرب إسرائيل القبة الحديدية أو منظومات الدفاع الأمريكية ـ هذه المنظومات أمريكا ستعيد النظر فيها كونها لم تمنع ضرب إسرائيل ولم توفر لها الحماية اللازمة وهو أمر يُقلق أمريكا من أعدائها الحالين مثل روسيا والصين ـ تدخلت أمريكا لفرض هيمنة وردع إيران لإجبارهم على الجلوس على مائدة التفاوض مرة أخرى وأمام أمريكا مباشرة ولكن ” بلا شروط ” تُذكر سوى فقط الحفاظ على بقاء النظام الحالي دون تغيره.
ولا ننسى أن كلما جلست إيران على مائدة التفاوض تأتيها الضربات العسكرية متلاحقة عقب فشل التفاوض بساعات قليلة..
مما يعني أن المفاوض الإيراني إما لديه مشكلة في تحقيق المكاسب على مائدة المفاوضات والدبلوماسية أو مازال لديه ما لم يُعلن عنه وسيكمل الحرب بأي وضع ـ سواء كان العدو إسرائيل فقط أو إسرائيل وأمريكا معا أو وأوروبا مجتمعة معهم ـ وتحت مقولة ” إنك ميت وأنهم ميتون ” ـ ودون حسابات أخرى، وهذا يفسر ما قام به المرشد الأعلى لإيران ـ على خمائني ـ بسميته في حالة إغتياله لثلاثة أسماء يخلفونه في إدارة البلاد والأزمات.
لذا الأيام القليلة القادمة لا تنبيء بخير في حال فشل كل المفاوضات وفي حال إزدياد حدة العداء..
ولكن أمريكا حريصة ألا تخسر حلفائها وداعميها الماليين من دول الخليج فستجدها تفكر كثيراً قبل رد الفعل، لذا استبقت ضرباتها العسكرية في إطار تحقيق الهدف وهو ضرب المنشأت النووية وإنهاء البرنامج النووي الإيراني فقط وبأقل تكاليف ممكنة..
وإلا إذا كانت أمريكا تريد إنهاء نظام فهذا له تبعات تكتيكية أخرى وحسابات مالية أخرى يتم الإتفاق عليها والوقت بالنسبة لها غير مناسب ـ وشرح ذلك صعب أن نتناوله في هذا المقال الآن ـ وأيضا حتى لا تفتح أمريكا جبهات الصراع الدولي مع حلفاء إيران سواء بالدفاع عنها أو بالانتصار لها من أمريكا، أو بضرب أهداف حيوية لأمريكا في أماكن صراع أخرى ومن ثم دخول حرب عالمية ثالثة تكون مقرها الشرق الأوسط كمقر صراع رئيسي ومقرات صراع فرعية في بقاع أخرى بمحيط أوروبا وغيرها.
لذا لا أظن أن حلفاء إيران الأقوياء سيهبّوا لنصرتها بالقصاص من أمريكا..
فما كان الأسطول العسكري الجوي الأمريكي ـ الذي نفذ الضربات العسكرية ـ يتحرك في الخفاء لضرب مفاعلات إيران الثلاثة قبيل ساعات هذا الفجر دون تتبعه من كل أجهزة استخبارات العالم والأقمار الصناعية الاستخباراتية العسكرية للدول العظمى التي تراقب كل تحركٍ لدبابة أو جنديِ مُشاه لإطلاق رصاصة في أي حرب.
وأخيرا فإن تنوع السلاح ومصادره الذي قام به المشير عبدالفتاح السيسي منذ عام ٢٠١٤ وقبل مجيئه رئيسا للبلاد هو ما وفر ـ وبفضل الله أولا وأخيرا ـ أماناً واستقراراً للدولة المصرية، فأدخلها في معادلة الحساب عند جميع الدول وقبل أي تحرك نحوها من الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها حال كان خيار الحرب مفروضا علينا في أي وقت وبأي شكل وهذا أمر إذا تحدثنا عنه فيحتاج إلى كثير من الكتب بالتحليل والتوثيق.
وحقا قد استُفز هذا الرجل لحروب كثيرة ولكن حكمة القيادة والإستراتيجية المصرية حالت دون ذلك كثيرا وجنبت المصريين غطرسة القرار وعشوائيته دون مسؤلية..
فلنقل جميعا الحمدلله وحفظ الله مصر شعبها وجيشها وشرطتها وجميع مؤسساتها الوطنية والإدارية وقيادتها الحكيمة البصيرة بفضل وعز من الله.
تحليل ما بعد الحرب بقلم المستشار/ ياسين عبدالمنعم ياسين ـ
رئيس مؤسسة البرلمان المصري ـ خريج برامج ودورات تثقيف ” الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية”.