أمر الله فرض .. ووصايا المصطفى هدى.
كلنا يؤمن بكلام الله المنزل ، وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ، وكلنا يسعى الى طاعة الخالق طمعا في جنته ، والاقتداء بأفعال رسوله تلمسا لشفاعته .
ومن الأمور المفروضة علينا في الكتاب والسنة فرض صلة الرحم ، اذ يقول المولى عز وجل في محكم آياته : “وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله”
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يدخل الجنة قاطع رحم”.
ولقد فسر علماء الدين الأرحام بأنهم الآباء والأمهات والأجداد والأولاد واولادهم ، والعمات والأعمام وأبناؤهم ، والخالات والأخوال وأبناؤهم ، أما أهل الزوج وأهل الزوجة ليسوا أرحاما لكن أبنائهم من الأرحام .
جميعنا يعلم .. وبعضنا يفعل
كم من أقارب تقطعت بهم السبل ، وكم من أفراد عائلة على خلاف ؟ فلم تخلو عائلة من مشكلات بين أفرادها أدت في كثير من الأحيان الى إحداث القطيعة وربما الى التشابك والتقاضي وارتكاب الجرائم .
لو حاولنا تفسير وتشخيص تلك العلة التي أصابت الكثير من عائلاتنا وتحديد أسبابها لعلنا نضع لها حلا ، لن نجدها تخرج عن ذلك : انعدام الود وغياب الألفة ، انشغال كل منا بشأنه والاهتمام بذاته ، التشكيك وسوء النية ، تفضيل المصالح واهمال الواجبات الاجتماعية ، الغرور والتكبر ، اللوم والعتاب ، البخل والشح ، وزلات اللسان .
تلكم هي سلوكياتنا التي أصبحت تتحكم في علاقاتنا العائلية وهي التي تؤدي الى انقطاع صلات الرحم فيما بيننا ، وقد نستمر على هذا النمط الى ان يرث إلله الارض ومن عليها، لأننا لا نملك ثقافة العفو والتسامح وكتم الغيظ ، وما يزيد الأمر سوءا اننا لا نرى أخطاءنا ولا نبادر بالاعتذار ونرى في ذلك إهانة للكرامة وعزة النفس وانتقاص من القيمة .
المشكلة الحقيقية التي تواجه العائلات و دائما ما تؤدي الى الخلاف والقطيعة هي تبلد الاحساس عند بعض الأقارب والإصرار على الخطأ وتحيز ذووهم لهم ومساندة مواقفهم الحمقاء وحثهم على الاستمرار في حماقاتهم دون النظر لما بذله الطرف الآخر من تضحيات وما أبداه من ولاء وما قدمه من عطاء .
فهل هؤلاء هم المذنبون أم أولئك هم الظالمون ، ومن منهم قاطع رحم .
الله وحده أعلم .