》في دوائر العقل تأتي مجموعة من القيم تجول داخل رأس الإنسان وتعتبر القناعة هي الدائرة الثالثة من دوائر العقل أو القيمة الثالثة من القيم العقلية.
》مثال عندما أخبرك أني يوميا أشرب خمسة فناجين من القهوة، فتخبرني أنت أنك تشرب فنجانين من القهوة وتكتقى بهما في اليوم.
وبالرغم من محاولاتي المتعددة أن أقنعك بشرب أكثر من فنجانين وأنه لا يشكل أي ضرر، إلا أن قناعتك بفنجانين تحول دون ذلك، خاصة وأنك قد جربت من قبل عندما شربت أكثر من فنجانين وحدث لك مجموعة من المشكلات الصحية كأرتفاع الضغط وتصلب في الشرايين وعسر هضمي وانتفاخ في القاولون، فكل هذا أحداث قد حدثت لك بالماضي وتثنيك عن التغيير وشرب أكثر من فنجانين في اليوم الواحد، لأن أكثر من ذلك يشكل لك خطورة وأضرار صحية بالغة في الحاضر والمستقبل.
》أما أنا فاستعجب مما تقول وخاصة وأني أشرب خمسة فناجين قهوة يوميا ولا تزيدني إلا نشاطا وصحة وحيوية وتحملا لضغوط اليوم الشاق وتحسين للذاكرة وحفاظا على لياقتي في الحاضر والمستقبل.
》ومن هذه القناعة فمحاولاتي أن أجعلك تشرب أكثر من فنجانين أو تجعلني أشرب أقل من خمسة فناجين، فهي محاولات خاطئة لكل منا، لأن قناعات كل منا تختلف عن الأخر وينظر إليها طبقا لما سببته من آلام ومشكلات أو حيوية ونشاط في الماضي أو الحاضر أو المستقبل.
》لذا فأنت محق بشرب فنجانين لأنك ترى في ذلك أمان بالنسبة لك وتجنب للمخاطر الصحية القادمة، أما أنا محق في ذلك لأنني أرى أن شرب خمسة فنجان قهوة أمان بالنسبة لي وحيوية ونشاط للقادم.
》وهذه قناعة أخرى، عندما نجد البعض يحب تربية وأكل الأرانب ويرى فيها الخير، والبعض الآخر يكره ذلك ويرى فيها الشر، أو عندما تنظر للصورة المنشورة مع المقال وتراها صورة للأرانب فقط أو للقطط.. بالرغم من أنها تحمل صورتين لأرنب وقط.
》وهذا أيضا ما ينطبق على موقفنا نحن المصريين من التعديلات الدستورية، فتجد قناعة كل واحد منا تختلف عن الأخر، فبعضنا يرى أن التعديلات الدستورية خطأ دستوري وتغول سلطات وهدم للثوابت، وبعضنا يرى أنها نجاة وأمان واستقرار وأن الدساتير صنع بشر.
》وهنتفق أن كل ما يصنعه الإنسان في حياته من أعمال فهو دائما موصوم بالنقص، لأنه من صنع البشر الذي لا يأتي إليه وحي من السماء، إنما اجتهادات قد تخطيء وتصيب، وأن الوحي قد انقطع بوفاة النبي “محمد “صل الله عليه وسلم”
لذا وحتى لا يتهم بعضنا البعض بعدم الفهم أو “بالتطبيل”، فلابد أن نتفق أنها قناعات، وكل إنسان قد تختلف قناعاته عن الآخر، وخطأ كبير إذا اعتبرت أنك ” بتطبل” أو اعتبرتني ” لا أفهم”.
》لذا يبقى شيئا واحد وهو أن نحافظ على المشاركة حتى ولو اختلفت قناعتنا، فأنا أدعوك للمشاركة في الإستفتاء على التعديلات الدستورية وأن تقول رأيك، وذلك لأن الديمقراطية تبنى بالمشاركة وليس بالإمتناع.
》وعلى الرغم من رؤية بعض بوجود أخطاء في التعديلات الدستورية، إلا أن قناعتنا ستختلف طبقا لما تعرضنا له في الماضي والحاضر، وطبقا لطريقة تفكيرنا وثقافتنا وخبرات الحياة وما تحمله نفس كل منا من رغبات أو تطلعات وآمال نحو المستقبل، وطريقة حبنا لبلدنا مصر فكل منا بداخله الخير بدرجات.