ساءنا وأساء لنا ما حدث من أهالي قرية شبرا البهو التابعة لمدينة أجا بمحافظة الدقهلية بعد رفضهم دخول سيارة إسعاف كانت في طريقها لإحدى المقابر لدفن طبيبة من سكان القرية توفيت متأثرة بفيروس كورونا وذلك بحجة الخوف من انتقال العدوى إليهم .
كيف طاوعتهم قلوبهم أن يفعلوا ذلك ؟ لا أدري !
غريب أمر شعبنا هذا ، نقول الحق ونفعل عكسه ، نرفع القبعة لمنسوبي الجيش الأبيض من الأطباء والممرضين ونوجه لهم التحية والتقدير والامتنان لما يقومون به من عمل بطولي لمعالجة مصابونا من الفيروس ولكن إذا ما صادفنا أحد منهم نبتعد عنهم ونتنمر بهم ..
ندعي التدين ولا نلتزم بتعاليم الدين ، نقول : إكرام الميت دفنه ونمنع الحق الألهي للمتوفى بإكرامه ودفنه كما حدث في هذا المشهد المؤلم وما سبقه من حالات مماثلة في عدة قرى بمحافظات مصر المختلفة .
عندما حلت بِنَا هذه الجائحة الخبيثة أيقنا جميعا أنها ابتلاء واختبار من رب العرش العظيم وأنها منحة من المولى لنعود الى طريق الصواب ونكف عن أي فعل أو عمل يغضبه أو يخالف تعاليم دينه ، لكننا لم نستغل الفرصة للأسف ، فالسارق لازال يسرق والكاذب مستمر في كذبه ، والخائن لم يرتدع ، والعاصي تمادى في عصيانه ، أما الفاسد والمرتشي والمستغل فلقد كثفوا من أنشطتهم وأعمالهم غير المشروعة ليضيفوا الى أعباء الدولة والمواطن أعباء إضافية ، وهذه الفئة خصوصا هي الأشد خطرا على المجتمع من الوباء نفسه ، فهم يعرفون من أين تأكل الكتف في كل المصائب وفي جميع الكوارث ، وقد قال لي أحدهم حين عاتبته : إنها تجارة يا سيدي ولو أن يوم القيامة سيكون غدا سأضاعف من أسعار مصاحف القرأن الكريم لأن الإقبال عليها سيكون شديدا .. هكذا يفكرون.
نعود لمشهد الدفن الحزين وما ترتب عليه من مواجهات بين الشرطة والأهالي ، واقترح ،
إنشاء مقبرة جماعية في مكان متميز بالقاهرة تخصص لشهداء كورونا تسمى ( حديقة شهداء كورونا ) محاطة بالأشجار والزهور الطبيعية ويقام على مدخلها نصب تذكاري محفور على جداره أسماء الشهداء المتوفين بسبب الفيروس من جميع الجنسيات الذين فارقوا الحياة وهم على أرض مصر ، وتطلق المدفعية إحدى وعشرين طلقة أثناء مراسم الدفن .
إذا أجازت دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف شرعية هذه المقبرة وعدم مخالفتها لإجماع الفقهاء ، فلتتولى قواتنا المسلحة الحبيبة مسئولية انشائها والإشراف عليها .
غدا ستنقشع الغمة بإذن الله وستكون من الماضي لكنها لن تمحى من الذاكرة مهما طال الزمن .
عافنا الله
ورحم شهداؤنا الذين حفرت أسماؤهم بأحرف من نور على جدار النصب التذكاري لحديقة شهداء كورونا .. ولعلنا نتعظ.