انتحال الصفة أو اللقب أصبح ظاهرة سلبية تفشت في المجتمع مؤخرا وأصبحت الألقاب سواء كانت ألقاب علمية أو مهنية تطلق على العامة ومن العامة دون أدنى حساب أو تقدير ..
فأصبحنا نجد كثيرا من الناس يطلقون على أنفسهم ألقاب لا يحملون معها إجازة علمية أو مهنية تعطيهم الحق في اكتساب اللقب ومخاطبة الناس به بل وصل الأمر لإستخدامهم له في مكاتباتهم سواء كانت رسمية أو غير رسمية كلقب الدكتور والمستشار والمهندس وحتى السفير وكذلك أيضا لقب الصحفي والإعلامي وحتى لقب الشخصية العامة ورجل الأعمال ..
وعليه نبدا ..
لقب الدكتور.. يطلق فقط على من حصل على درجة الدكتوراه في أي علم من فروع العلوم المختلفة والذي يلزم صاحبه بتحضير رسالة دكتوراه في أي تخصص من العلوم ويتم مناقشتها من جامعة معروفة ومعتمدة دوليا ويتم منحه الدرجة العلمية بناء عن رسالته المقدمة في أحد العلوم ويشترط في المتقدم لنيلها أن يكون حاصل على درجة الدبلومة أو الماستر والتي تأتي في مرحلة ما بعد الحصول على البكالوريوس أو الليسانس أو ما يعادلهما علميا.
أما ما يسمى بالدكتوراه الفخرية والتي يجب أن تمنحها جامعة أو اكاديمية علمية معترف بها دوليا فهي مجرد شهادة تكريم رفيعة المستوى تسمى بالدكتوراة الفخرية لكنها لا تعطي الحق في من اكتسبها أن يلقب نفسه بلقب الدكتور لاعتباره لقب ذو مكانة علمية رفيعة لا يعطى لمن لم يصل بمؤهله العلمي لاكتسابه.
أما لقب الأستاذ الدكتور فهو لقب يأتي بعد لقب دكتور ثم أستاذ مساعد ثم أستاذ دكتور ويختص به الذين سجلوا أبحاث أو مواضيع علمية خاصة بهم وتم تداولها وتدريسها كمادة علمية معترف بها من جامعة معتمدة دوليا.
لقب المستشار .. وهو من يتم استشارته طبقا لمؤهله العلمي أو المهني، والمستشار هنا تطلق على الكثير من الأشخاص كالمحامي بصفته مستشار قانوني درس القانون واتخذه كمهنة ويزاوله بشكل ترتب عليه اكتساب خبرات جعلته قادر على إبداء الرأي حين يتم استشارته في معضلة قانونية وعلى نفس المنوال هناك المستشار الإعلامي والمستشار الصحفي والمستشار الأمني والمستشار العسكري وهكذا إلى أخره..
والجدير بالذكر هنا أن القاضي لا يطلق عليه لقب مستشار لأنه يحكم ويقطع ويفتي قانونيا بصفته قاضي وعالم بأمور الفتوة والحكم بالقانون الوضعي ولذلك فهو قاضي يقضي في الأمر ولا يستشار.
لقب المهندس.. والمهندس هنا لقب مهني يطلق على كل من حصل على درجة البكالوريوس أو ما يعادلها لكلية عملية تكون الدراسة فيها مرتبطة بتطبيق عملي لما تم دراسته، فهناك مهندس مدني ومعماري خريجوا كليات الهندسة، وهناك مهندس زراعي خريج كلية الزراعة، ومهندس ديكور خريج كليات الفنون، ومهندس كمبيوتر، ومهندس اتصالات خريج كليات علوم الكمبيوتر والاتصالات، ومهندس كيميا، ومهندس جيولوجيا وهم خريجوا كلية العلوم وهكذا إلى أخره.
لقب السفير .. السفير هو لقب تطلقه وزارة الخارجية على ممثليها بشكل رسمي لدى الدول أو الهيئات أو المنظمات الدولية على اعتبار أنه موفد ومرسل من قبلها ليمثلها وينوب عنها ومتحدثا باسمها لديهم وتعطيهم الدولة جوازات سفر حمراء خاصة بهم دون غيرهم يطلق عليها جواز سفر دبلوماسي.. وللدولة ان تمنح بعض الشخصيات العامة التي تنتخبها من مواطنيها أو رعاياها جواز سفر دبلوماسي ليسهل عليه بعض المهام الإنسانية التي تكلفه الدولة بها ويطلق عليهم القوة الناعمة للدولة..
أما فيما يطلق أو يعرف باسم سفير النوايا الحسنة فهو لقب تشريفي اطلقته بعض المنظمات الدولية الغير حكومية على بعض الشخصيات العامة التي لها تأثير مباشر وقوي في مجتمعها أو تخصصها العلمي أو المهني وقد اختص به أكثر ومؤخرا الفنانين ونجوم الكورة ونجوم المجتمع والشخصيات العامة وبعض رجال الأعمال الذين قدموا لمجتمعاتهم وللبشرية مواقف وعطائات إنسانية ملحوظة..
لقب الصحفي والإعلامي..
يطلق لقب الصحفي والإعلامي على كل من امتهن مهنة الصحافة أو الإعلام بشكل رسمي سواء كان عضوا في نقابة مهنية تختص بالعاملين في مجال الصحافة أو الإعلام أو أنه يعمل بنفس المجال من خلال نشاط تجاري خاضع لسجل تجاري وبطاقة ضريبية لهذا لأن الصحفي والإعلامي ليست درجة علمية بل هي صفة مهنية لمن يعملون بها مثلهم مثل أي مهنة لا ترتبط في ممارستها بمؤهل علمي كالطبيب والصيدلي، وعلى سبيل المثال فإن معظم كبار الصحفيين والاعلاميين خريجوا كليات ليست لها أي علاقة بالمهنة.
الشخصية العامة ورجل الأعمال
هي ألقاب غير رسمية وغير علمية وغير مهنية أيضا.. ولقب الشخصية العامة هو لقب إعلامي من الممكن أن يطلق على كل من اهتم بأمور العامة وكان له فيها فعل أو رأي أو مجرد مجهود سواء كان يتبوأ معه منصب لعمل عام أو لا.. كعضو مجلس نواب أو شورى أو مجلس أمناء أو جمعية خدمة مجتمع، وهم من يطلق عليهم في المجمل المجتمع المدني لأن العمل الذي يقومون به لا يرتبط بأي كيان أو مؤهل أو مهنة وهو مرتبط فقد بالإنابة عمن انتخبوهم أو من اختاروهم ويحبذ أن يعتمد على التواجد الميداني والظهور من خلال نشاط مجتمعي مادي أو معنوي ملموس وواضح للعامة.
أما لقب رجل الأعمال والذي كان قديما يكتب في خانة المهنة بالبطاقة الشخصية وتم إلغاءه الآن من قبل الدولة فهو لقب أيضا إعلامي ليس أكثر ويطلق على كل من يمتلكون طبقا لسجلاتهم التجارية والضريبية لأكثر من شركة أو مؤسسة تعمل في أنشطة ومجالات مختلفة وجاء لقب رجل الأعمال قديما لمن يعملون بمجال التصدير والاستيراد بحكم أنهم وسطاء أو سماسرة استطاعوا أن يفتحوا اسواق لبيع منتجات مختلفة ومتعددة من البضائع.
عزيزي القارئ أعتذر عن الإطالة ولكنه حقا القلق من تفشي ظاهرة الألقاب المزيفة والتي ينتحلها بعض الأشخاص دون وجه حق.. الأمر الذي سار أشبه بالمولد أو السوق والذي من شأنه أن يستغله ضعاف النفوس ليقوموا بالنصب على البسطاء أو الناس عموما، وكم من منتحل صفة دكتور أو حتى طبيب وقام بفتح عيادات وقام بالكشف على أناس وقام بتشخيص المرض وكتابة الروشتات والعلاج دون وجه حق لمجرد أنه لم يجد من يطلب منه إظهار مؤهله أو الرخصة التي تبيح له إتخاذ ذلك اللقب الرفيع..
وأنا لست في خصومة مع أحد ولا يعنيني غضب أحد كل ما يعنيني أن أتصدى بقلمي ورأيي كمواطن عادي يتمتع بكامل حقوقه السياسبة في إبداء الرأي والتعبير طبقا للقانون والدستور، وليس لي أدنى هدف للإساءة لبعض الأشخاص الذين ينطبق عليهم رأيي أو مقالي هذا، فهم أصدقاء وأخوة وأرجو منهم جميعا أن يتقبلوا رأيي أو نقدي لهم طالما كانوا محبين للحق ومؤيدين له وملتزمين بالمسار الصحيح وإلا فإن الأمر قد يبدو أو يكون مجرد مرض نفسي عند بعضهم أو – لا قدر الله – هدف وسلوك غير قانوني من شأنه النصب على البعض الأخر، مرض نفسي يجعله يرى في اكتساب لقب لدرجة علمية أو حتى مهنية مبتغى وكأنه بدونها لن يساوي شيء .. أو ربما أداة للنصب والوصول لتحقيق أهداف غير مشروعة يعاقب عليها القانون الذي يجرم في مواده – قانون العقوبات – وتحديدا فى الباب العاشر منه، العقوبات المقررة لاختلاس الألقاب والوظائف والإتصاف بها بدون حق، وقد نصت المواد ( من 155 وحتى 159) على عقوبة كل من إنتحل صفة الغير سواء كانت ملكية أو عسكرية، لأى غرض بدعوى النصب أو السرقة أو لإنهاء مصالح خاصة أو بإرتدائه زيا عسكريا أو شرطيا، وتصل للحبس والغرامة..
ولكي تعرف أن الذي أمامك يمتلك بالفعل اللقب الذي يقدم نفسه به فبكل بساطة أطلب منه الإطلاع على خانة المهنة في بطاقة الرقم القومي فالحاصل على الدكتوراه هو فقط من يكتب له في البطاقة لقب دكتور أما خريجوا كلية الطب والملقبين عادة بلقب دكتور فيكتب لهم لقب طبيب بشري وهكذا لبقية الألقاب أو المهن.
عزيزي القارئ ذو الصدر الرحب والذي استمر معي لنهاية تلك السطور .. في نظري عامل النظافة الذي يحترم مهنته ويراعي الله فيها أكرم وأقيم وأشرف من أستاذ دكتور تم ضبطه في خلية إجرامية تتاجر في الأعضاء البشرية.. وللحديث بقية.. طالما كانت هناك حرية.