تدور الآن حرب كلامية شرسة وتلاسن إعلامي ناري بين الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من دول أوروبا من جهة وبين الصين ومنظمة الصحة العالمية من جهة أخرى ، حيث ترى أمريكا ومن معها بأن الصين أخفت الحقائق عن العالم فيما يتعلق بفيروس كورونا المستجد ومصدره وأسباب انتشاره وكيف استطاعت أن تتغلب عليه في زمن قياسي ، بينما واصل زحفه لاكثر من مائتي دولة حول العالم يحصد الأرواح ويبدد الثروات ويشل الاقتصاد ، ويتهم هذا المعسكر الأمريكي الغربي المشترك منظمة الصحة العالمية بأنها تواطئت مع الصين في هذا السياق . ومن المتوقع أن تشتعل هذه الحرب الكلامية بين المعسكرين مع مرور الأيام ولن تتوقف الا بعد اتفاق الطرفين على تسوية الموضوع داخل أبواب مغلقة .
وفي تلك الأثناء وبينما يحدث هذا الصراع المعلن ، يتحدث الخبراء والمحللون عن شكل العالم فيما بعد الكورونا ، فمنهم من يرى أن موازين القوى قد تتغير ومنهم من يؤكد أن عدد من المنظمات الدولية ستتفكك أو تتجمد أو سيتم الإطاحة بكبار المسئولين فيها ، ومن بين تلك الكيانات التي يتحدثون عنها الاتحاد الأوربي ومنظمة الصحة العالمية .
وبتحليل المشهد فالواقع ينبئ بتغيير ما قد يحدث على الساحة الدولية لكنه سيكون محدودا فموازين القوة لن تتغير ستبقى أمريكا هي القوة العظمى الأولي تلاحقها الصين مدعومة باقتصادها وروسيا متسلحة بترسانتها العسكرية ، وستظل ألمانيا هي الدولة الأقوى في القارة العجوز ، وقد يتم إعادة هيكلة الاتحاد الأوروبي بضغط من شعوب الاتحاد ، واعادة هيكلة منظمة الصحة العالمية بضغط من أمريكا ..
هذا هو التغيير المتوقع الذي سيصبح واقعا بعد مرور الأزمة ، أما التغيير الذي نأمله وينبغي على الدول العربية أن يكون لها صوتا مسموعا لتحقيقه فهو اعادة هيكلة منظمة حقوق الإنسان لعدم حيادها وتجنيها وافترائها الدائم على دول بعينها ، وغض الطرف عن تصرفات دول اخرى تدين لها بالولاء .. هذا أولا ،
أما ثانيا وهو الأهم ان تستغل الدول العربية ومعها الدول الأفريقية ودول أمريكا اللاتينية هذا الظرف العالمي الاستثنائي للمطالبة بتعديل ميثاق الأمم المتحدة ليسمح بزيادة عدد المقاعد الدائمة بمجلس الأمن من خمسة مقاعد الى سبعة بإضافة مقعد للقارة الأفريقية وتمثلها مصر باعتبارها الأكبر والأعرق في القارة السمراء التي تضم ٥٤ دولة ، ومقعد آخر لقارة أمريكا اللاتينية وتمثلها البرازيل فهي من أهم وأقدم دول القارة الجنوبية المقسمة سياسيا الى ١٢ دولة ، ويا حبذا لو تمت المطالبة بإعادة النظر في نظام التصويت واستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن بحيث لا ترفض القرارات التي يجتمع أعضاء المجلس للبت فيها الا في حالة استخدام دولتين أو اكثر حق الاعتراض لوقف تمرير القرار ، وليس دولة واحدة .
هذا ما نأمله من التغيير القادم ، فإذا رأيناه حلما بعيد المنال ، فلماذا لا نحلم ، فلقد كان إنشاء وطن قومي لليهود على أرض عربية *مجرد وعد* .