قبل عدة أسابيع راهنت الحكومة على وعي الشعب المصري وتحمله المسئولية باتباعه الاشتراطات الوقائية والاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا من تلقاء نفسه حتى لا تضطر الى اتخاذ اجراءات أكثر حدة وقيود أشد قسوة ، وفي ذلك الحين لمً تكن أعداد الاصابات تصل الى مائتي حالة يوميا ، فماذا حدث ؟
لقد حدث ما لاتتمتاه الحكومة وما لم تكن تتوقعه ، فقد ضرب الشعب بالإجراءات عرض الحائط ومارس عاداته وتقاليده الرمضانية بشكل طبيعي وكأنه لا وجود لكورونا ولا وجود لخطر يهدد حياة الناس ، ونتيجة لذلك تضاعفت الأعداد ولامست الخمسمائة حالة يوميا ، وجاءت اجازة العيد ليذهب كل مغترب الى بلدته حيث الأهل والأقارب والأصدقاء ليتفشى الوباء في بعض القرى وتصل اجمالي الحالات التي التقطت العدوى لأكثر من ألف حالة / يوم ، وتزداد معها حالات الوفيات ، فهل سيتوقف الأمر على ذلك ويبقى المنحنى في وضع الثبات ، بالطبع لا ، فاليوم وغدا تعود العمالة من قراها الى مقار أعمالها في عواصم المدن والعديد منهم حاملا للفيروس دون أن يدري فيحتك بهذا ويلامس ذاك ويسعل في وجه أولئك وهؤلاء فتتسع دائرة الإصابات ، ويهرع كل من يشعر بالأعراض الى المستشفيات لطلب الفحص وقد يصل الكثير منهم متأخرا وتتدهور حالته ولن تفيده بروتوكولات العلاج إلا من يريد الله له النجاة .
لقد خسرت الحكومة الرهان ، ورسب الشعب في الاختبار ، وفي الوقت الذي بدأت فيه دول العالم من حولنا اعادة الحياة الى طبيعتها تدريجيا سيتم تمديد الاجراءات في مصر لفترة أخرى املا في تجاوز ذروة انتشار الفيروس خلال الأسبوعين القادمين كما هو متوقع لها .
وفي ظل استمرار هذه الجائحة وتلكوء أصحاب العقول في الإعلان عن لقاح لها ، وفشل منظمة الصحة العالمية في التعامل معها منذ البداية ، واستمرارها في توجيه النصائح والإرشادات المتخبطة والمعلومات والبيانات غير الدقيقة وتصريحاتها المخيبة للآمال لتستكمل بها سلسلة إخفاقاتها والتي تقربها من الرحيل ، فقد أصبح التعايش مع هذه الجائحة من المسلمات التي لا مفر ولا هروب منها .
ومن تجربة مصر والعالم مع كورونا على مدى أكثر من ثلاثة أشهر أكتسبنا كثيرا من الخبرة ومزيدا من المعرفة بطبيعة هذا الوباء ومخاطره وأساليب مواجهته مما يسهل فرص التعايش معه في الفترة المقبلة ، لكن تبقى مسئولية الفرد في حماية نفسه وأسرته أهم وأكبر منً مسئولية الدولة التي لن تتهور وتراهن على وعي الشعب مرة أخرى .