من المعروف أن القوانين في كل دول العالم وضعت من أجل نصرة المظلوم وإعادة حقوقه المسلوبة أو المنهوبة أو الضائعة ، فطالما الأمر هكذا فمن أين جاءت مقولة (القانون لا يحمي المغفلين) ، كنت أظن أن أصلها مصري وبعد البحث في عدة مواقع عن أصل الموضوع ، وجدت أن هذه المقولة جاءت على لسان قاض أمريكي كان يحكم في إحدى قضايا النصب الكبرى حيث استولى أحد الأشخاص على ملايين الدولارات من مجموعة كبيرة من المواطنين ، وحين استدعى القاضي المجني عليهم لسماع أقوالهم أفادوا بأنهم قرأوا إعلاناً في إحدى الصحف يقول ( لكي تصبح غنياً أرسل دولاراً واحداً إلى هذا العنوان ) فسارعنا بإرسال هذا الدولار للعنوان المذكور ، ولكننا بعد أسبوع قرأنا في نفس الصحيفة رسالة من النصاب يقول فيها عفواً لقد لجأت لهذه الحيلة لكي أصبح غنياً بعد أن كنت فقيراً معدماً ، وها أنا قد أصبحت من أصحاب الملايين وودعت حياة الفقراء خلال أسبوع واحد من نشر الإعلان ، وبعد أن انتهى المجني عليهم من سرد قصتهم للقاضي لم يجد حجة تدين المتهم فقال لهم ( القانون لا يحمي المغفلين ) .
وإن كنت أشك في صحة هذه الرواية لكني لا استبعد حدوثها ، فقد حدث أغرب منها بمراحل في مصر ، ولا زالت تحدث وبكثرة خلال هذه الأيام حالات نصب ساذجة بسبب الإعلانات المضللة التي تملاً وسائل الإعلام دون رقيب أو حسيب فأصبحت الإعلانات هي وسيلة الاحتيال الآمنة لكل نصاب ، واللوحة المبهرة لجذب معظم الضحايا .. وأمام هذا الكم الهائل من عمليات النصب والاحتيال التي تحدث يومياً ، أدعو إلى إنشاء وحدة بوزارة الداخلية تسمى وحدة تتبع الإعلانات الوهمية والكاذبة ، وإلقاء القبض على أصحابها بتهمة الشروع في النصب ويسن لها عقوبة مناسبة في قانون العقوبات .
ليس كل نصاب ذكياً أو عبقرياً ، وليس كل منصوب عليه غبياً أو مغفلاً ، فقليل من النصابين متعلم ، وكثير من المنصوب عليهم من أصحاب الوظائف والمناصب العليا والحاصلين على أعلى الشهادات ومنهم من يعمل في سلك القضاء والمحاماة ومع ذلك يقعون في الفخ رغم حذرهم ، والعيب ليس فيهم ولا في أي شخص يتعرض للنصب ، ولكن العيب في النصاب نفسه فهو لا يخشى القانون، ولا يهاب العقاب ، طالما نال حصيلة نصبته ، والحل يكمن في القبض عليه قبل ارتكاب فعله ويقدم للمحاكمة بتهمة الشروع في الفعل ، وبذلك سيسلم المجتمع من شر هذا النصاب المغفل والقانون لا يحمي المغفلين .