ما يحدث في جمرك السيارات بميناء السويس ببور توفيق أمر لا يتحمله بشر ، ففي الوقت الذي يحرص فيه سيادة الرئيس على تطوير أداء الجهات الحكومية ويعطي توجيهاته المستمرة للحكومة وللمسئولين بتسهيل الإجراءات وتذليل العقبات وحسن معاملة المواطنين وانجاز مصالحهم ، يضرب جمرك ميناء السويس بهذه التوجيهات عرض الحائط ويضع العراقيل أمام كل من يخطئ ويستقدم سيارته من الخارج ويجعله يندم لاقدامه على هذه الخطوة بل ويلعن اليوم الذي تعلم فيه السواقة أصلا .
قبل شهرين كانت الإجراءات المتبعة في تخليص سيارات المصريين القادمين من الخارج تنجز في يوم واحد ، فبمجرد وصول السفينة يتم ابلاغ أصحاب السيارات للحضور للميناء وبعد سلسلة طويلة من الخطوات ومجموعة كبيرة من سندات الدفع التي يسددها ، لا ينتهي اليوم والا و يكون صاحب السيارة قد حصل على الافراج الجمركي واستلم سيارته وخرج بها من بوابة الميناء ، اجراءات تقليدية لكنها منجزة ، وكما يقولون ( تعب ساعة ولا كل ساعة ) .
أما اليوم فكي تنهي إجراءات سيارتك في ميناء السويس ببور توفيق فإنك تحتاج الى أكثر من عشرة أيام هذا إن كنت من المحظوظين ، والسبب في ذلك غريب وعجيب وغير متصور ، فهذا التأخير سببه تطبيق الميناء لمبادرة (النافذة الواحدة) كيف يكون ذلك هو السبب ونحن نعلم أن هذه المبادرة أطلقتها الحكومة لتحسين بيئة العمل بالمنافذ البرية والجوية والبحرية بهدف تقليص الدورة المستندية وتسريع فسح البضائع والسلع والخدمات وليس لتعطيلها وتأخيرها وتحميل أصحابها أعباء مادية اضافية علاوة على ما يواجهونه من متاعب وهدر في الوقت واستهلاك للجهد واحباط معنوي .. نعم هذه المبادرة هي السبب وينطبق عليها المثل الشعبي الدارج ( جه يكحلها عماها ) لان القائمين على تنفيذها غير مدربين ولا مؤهلين ولا يطورون مهاراتهم ولا يؤمنون بالتقنيات الحديثة ولا يجيدون التعامل معها ! ومن واقع تجربتي المؤلمة ومعاناتي التي لم تنتهي حتى الآن مع جمرك ميناء السويس أسرد قصتي دون زيادة أو نقصان لعلي أكون سببا في تصحيح الوضع ولو بعد حين .
لقد شحنت سيارتي من الخارج على احدى العبارات ووصلت الى الميناء يوم الخميس الموافق ٣ يونيو وذهبت يوم السبت التالي الى السويس واتفقت مع احدى شركات التخليص الجمركي القريبة من الميناء لانهاء فسحها واستكملت معهم بعض الاجراءات داخل الميناء وغادرت عائدا للقاهرة بعد أن علمت ان الأمر قد يستغرق ثلاثة أيام على أقصى تقدير ، مضى خمسة أيام ولم يحدثني أحد فذهبت للسويس مرة أخرى لمتابعة الموضوع وبالاستفسار من المخلص عن سبب هذا التأخير أفادني بأن السيستم كان عطلانا وبعد تشغيله تم طباعة المنافيست وحجز موعد للمعاينة لكن الموظفة المحول لها المنافسات تغيبت عن العمل لسبب أو لآخر فتم طلب تحويل المنافيست لموظفة أخرى وتمت المعاينة وتحرير شهادة بيانات للسيارة وتم ارسالها لميناء العين السخنة لتثمينها وتحديد جمركها لكن لم يصل من ميناء السخنة اي افادة بالتثمين لميناء السويس ، فسألته ماذا علينا أن نفعل قال لا علينا الا الانتظار ! وطلب مني التوجه لمدير قسم المعاينة للاستفسار منه وفعلا دخلت مكتب أحمد بيه مدير القسم وشرحت له الوضع ، في البداية لم يعيرني أي اهتمام ثم قال لي بأن الشهادة الخاصة بسيارتي تم ابلاغها للسخنة منذ أمس لتثمينها ومن المفترض أن تثمن في نفس اليوم ويصلك رسالة بذلك حتى تسدد الرسوم الجمركية وتستكمل الاجراءات ، فاستسمحته بكل أدب أن يتابع الموضوع مع العين السخنة فنظر لي نظرة احتقار ولم يجب ، فكررت عليه الاستسماح فرفع المحمول وتحدث مع موظفة بالعين السخنة واعطاها رقم الشهادة ثم أنهى المكالمة وأبلغني بأن الشهادة مع مدام دعاء بالسخنة وسوف تبدأ فيها بعد أن تصلي الظهر ، ثم قال لي بسخرية : أنا عملت اللي عليا وستصلك رسالة ولا تأتيني مرة أخرى مما أثار ضحك الموظفات من حوله ، ولأنني بطبعي خلوق ومهذب لم أتفوه بكلمة واكتفيت بشكره وانصرفت لخارج المكتب ومكثت تحت أشعة الشمس الحارقة حتى الساعة الخامسة حتى انصراف جميع الموظفين ولم تصلني الرسالة المنتظرة وضاع يوم الأربعاء وعدت لمنزلي بالقاهرة مساء نادما على ما فعلته في حق نفسي بتنزيل هذه السيارة ، ومضى يوم الخميس ثم الجمعة إجازة وجاء يوم السبت لأكمل عشرة أيام منذ وصول السيارة للميناء ولم تصلني الرسالة المزعومة ولا أعلم متى ستصل ، وما بين استهزاء أحمد بيه وتراخي مدام دعاء أجد نفسي مضطرا لانتظار الفرج .
أعلم أن ذلك لا يرضي فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يفعل المستحيل للارتقاء بالوطن وتحسين الخدمات وتوفير سبل الراحة للمواطنين ، والسؤال لمعالي وزير المالية ومعالي رئيس مصلحة الجمارك ما جدوى تطبيق مبادرة النافذة الواحدة وهل يعقل أن يتم تثمين الجمارك للسيارة في ميناء غير ميناء الوصول ، ومن يتحمل تبعات هذا التأخير ورسوم الأرضيات التي تبلغ في اليوم الأول ٣٧٠٠ جنيه ، وماذا لو تم المبالغة في تقدير الجمارك ، والسؤال كذلك لمعالي وزيرة الهجرة لماذا يعامل المصريون العاملون بالخارج هكذا معاملة ، وهل هذا هو جزاؤهم على حبهم وعطائهم لوطنهم ودعمهم له من خلال تحويلاتهم البنكية من الخارج والتي تبلغ حوالي ٣٠ مليار دولار سنويًا.
ولا أملك في النهاية غير الاستعانة بقول الحق سبحانه وتعالى :
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7) وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب (8)} صدق الله العظيم