قبل خمسة أشهر قامت الدنيا ولم تهدأ بسبب ارتفاع سعر كرتونة البيض الى خمسين جنيه ، واصبح الموضوع حديث الساعة حيث خصصت له القنوات الفضائية والصحف مساحات كبيرة من فقراتها وصفحاتها لالقاء الضوء على سر هذا الارتفاع الجنوني للبيض ، لقاءات من هنا ومقابلات من هناك ومداخلات هاتفية ، مستهلك يتذمر من الغلاء وتاجر يبرره ومسؤول يتعثر أو يتردد في الرد .
وفي غضون اسبوعين عادت أسعار البيض الى سابق عهدها بسبب تدخل الدولة السريع والحاسم فأغرقت الاسواق بكميات كبيرة من البيض فجعلت التجار يكتفون بما حققوه من مكاسب وينزلون بأسعارهم الى الحد المقبول تجاريا ، وحين عاد الاستقرار الى السوق وهدأت الزوبعة ، تلقف تجار الدواجن الكرة وبدأوا يتلاعبون بأسعار الدجاج وتكرر سيناريو البيض مع الدجاج ، يرتفع السعر لفترة ثم ينخفض تدريجيا حتى يثبت وما هي الا فترة قصيرة او طويلة نسبيا وتعود ريما لعادتها اللئيمة ، واحتار الناس مابين البيضة والفرخة .
إن التلاعب في الأسعار أصبح فنا واحترافا ، والحجج والمبررات عديدة فمرة يكون المبرر تحريك سعر الدولار ومرة بسبب تحريك سعر المحروقات ومرة بسبب ارتفاع سعر العلف ، وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لترفع عن كاهل التجار والمنتجين عناء البحث عن حجة أو مبرر لرفع أسعارهم دون سقف أو حد فرفعوا أسعار البيض والدجاج معا وبأرقام مبالغ فيها .
ان ما يحدث في السوق المصري لا علاقة له بالنظريات الاقتصادية الخاصة بالعرض والطلب والتي تقول أنه اذا زاد العرض قل السعر ، واذا زاد الطلب وقل العرض زاد السعر ، فلا الطلب زاد ولا العرض قل حتى يرتفع السعر ، فالدجاج لازال يفقس ولن يتوقف عن الفقس ، وثروة مصر من الدواجن هائلة ولن تنضب .
إنها أزمة ضمير ، وما حدث مع البيض والدجاج يحدث حاليا مع كافة السلع الغذائية وغير الغذائية والوضع أصبح معقدا لان المؤشر أخذ في التصاعد ولا أمل في أن يميل نحو الهبوط ولو قليلا حتى وان توقفت الحرب .
الآن يتنذر الناس على أيام مضت كانت كل مشاكلهم مع الأسعار تنحصر في البيضة والفرخة .