من منا لا يتلهف إلى زيارة مدينة القدس والصلاة في المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، فهو أحد المساجد الثلاثة الذي أمرنا حبيبنا ونبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تشد الرحال إلا اليها “المسجد الحرام والمسجد الأقصى والمسجد النبوي” .
تبادر الى ذهني هذا السؤال بعد أن فرغت من أداء مناسك العمرة وقصرت شعري وتحللت من إحرامي ، ثم جلست لاستريح قليلا بالقرب من احدى البوابات المطلة على الكعبة الشريفة أمعن النظر إليها ، وأشاهد جموع المسلمين وهم يطوفون من حولها في مشهد إيماني رائع وأجواء روحانية ما بعدها أجواء .
خرجت الى ساحة الحرم مترجلا باتجاه فندق الإقامة وخلدت للنوم وفي مساء نفس اليوم حملت أمتعتي وغادرت مكة المكرمة قاصدا المدينة المنورة لأزور مسجد المصطفى رضوان الله عليه وحين وصلت بسيارتي إلى مشارف مدينة رسول الله شعرت بهدوء نفسي وراحة أعصاب زالت معهما كل أشكال الإرهاق التي كنت أشعر بها قبل قليل نتيجة السفر بالسيارة لمسافة طويلة ، وتحول الإرهاق الى نشاط حين لمحت عيناي مآذن الحرم النبوي من على بعد ، وبدلا من ان اتجه الى فندق الإقامة توجهت الى الحرم مباشرة وكان الفجر على آذان فأديت الصلاة ومررت بالروضة الشريفة وأكثرت من الركعات في كل زاوية من زوايا المسجد وساحاته ، ثم جلست أتأمل المشهد كما فعلت حين فرغت من عمرتي ..
وجدت في المدينة ما وجدت في مكة نفس الأجواء الايمانية ، نفس النظافة ونفس النظام ونفس الخدمات .
هنا أجبت بنفسي على السؤال الذي طرحته على نفسي أمام الكعبة عن زيارة المسجد الأقصى .
بكل تأكيد كلنا لهفة وشوق لزيارة بيت المقدس والصلاة فيه ، لكن لا أحد منا يستطيع أن يحظى بهذا الشرف لأن القدس تحت الاحتلال ، والاقصى تدير شؤونه إدارة غير مسلمة ، تغلق أبوابه حين تريد وتفتحها حين تريد ، تمنع المصلين من الدخول الى رحابه في مواعيد الصلاة أحيانا ، وتضربهم وتقمعهم أحيانا أخرى .
حمدت الله على نعمة الاسلام ، وأخذت سيارتي لأبحث عن فندقي وقبل أن أغادر المكان دعوت الله أن يأتي اليوم الذي نرى فيه الأقصى وقد أصبح متاحا لكل المسلمين الصلاة فيه بأمان وطمآنينة وسكينة وخشوع ، كما هو حالهم في الحرمين الشريفين .
أمين .