أم الدنيا وتستحق ، أم الدنيا رغم أنف الحاقدين والحاسدين والساخرين .
فلماذا مصر هي أم الدنيا دون غيرها ؟ أقرأ تاريخها وستكتشف العجب :
كانت ولازالت من أكثر بلدان العالم أستقبالا للمهاجرين الباحثون عن العلم أو الأمن أو الرزق أو الهاربون من جحيم الحروب في بلادهم ، فعلى سبيل المثال لا الحصر :
عندما اجتاحت المجاعات بلاد المغرب العربي هرب الآلاف من أهلها خوفا من الجوع ولم يجدوا ملاذا لهم سوى مصر فكانوا يدخلونها قبائل كاملة بالآلاف وكان ذلك قبل حوالي 400 سنة .
وعندما طرد الإسبان المسلمين المخلطين المعروفين باسم الموريسكيين ، لم يجدوا بلدا تستقبلهم سوى مصر واستقر معظمهم في كفر الشيخ والمنصورة .
وقبل حوالي 150 سنة قامت حرب أهلية كبيرة في لبنان بين الدروز والموارنة ، فنزح الآلاف من الموارنة إلى مصر وأستقر معظمهم في المنصورة وخرج منهم رئيس لبنان السابق ( أمين الجميل ) ، كما
أن الدروز انفسهم فقد هربوا أيضا أثناء حروبهم إلى مصر ، وكان ممن هربوا لمصر الفنان الراحل ( فريد الأطرش ) ، وهكذا فقد أستقبلت مصر كل المتحاربين في لبنان دون تمييز .
وفي بداية القرن العشرين حدثت مذابح الأرمن الشهيرة على يد الأتراك فهرب الأرمن من جحيم الأتراك ولم يجدوا ملاذا لهم سوى مصر ، وأشتغل الأرمن في كل المجالات في مصر وخرج منهم الفنانة ( نيللي ولبلبة وفيروز وانوشكا ) ، ولايزال الأرمن يعيشون بيننا حتى اليوم .
أما المثقفون السوريون فكان الأتراك أثناء احتلالهم لسوريا يضيقون الخناق عليهم فلم يجدوا سوى مصر ليلجأوا إليها ، فتعاونوا مع مثقفوا مصر في تأسيس الصحف المصرية الشهيرة مثل جريدة الأهرام ، كما عرفت مصر فن المسرح بتعاون الفنانين المصريين والسوريين ، وهناك عدد كبير من الفنانين الذين قاموا ببطولات سينمائية ومسرحية تعود أصولهم الى سوريا الشقيقة مثل الفنان الكبير نجيب الريحاني الذي أسس فرقته المسرحية الأشهر في تاريخ المسرح العربي (الريحانية).
أما اليونانيون فكانت الحرب الأهلية تمزقهم فهربوا بالآلاف إلى مصر وكونوا جالية كبيرة ، واستقر معظمهم بالاسكندرية .
والإيطاليون أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية هربوا من جحيم الحرب إلى مصر ولم يجدوا أجمل منها ليعيشوا بها وكانت أكبر تجمعاتهم في الاسكندرية والمنصورة ، ولعل أشهرهم الفنانة الإيطالية ( داليدا )بنت شبرا المولودة في مصر ، حتى أن آخر ملوك مملكة إيطاليا الملك فيكتور إيمانويل الثالث فقد مات ودفن بالاسكندرية في ديسمبر عام ١٩٤٧ واستردت إيطاليا جثمانه بعد ٧٠ عام وتحديدا ٢٠١٧م .
وكذلك آخر ملوك ايران الشاه محمد رضا بهلوي لم يجد سوى مصر تستقبله ليقضي بها اخر سنة له في حياته ويموت ويدفن بمصر عام ١٩٨٠ في مسجد الرفاعي بالقلعة .
أما أعظم ثائر كونغولي وهو ( بياتريس لومومبا ) عندما قامت بلجيكا بقتله بوحشية تم تهريب أبناءه إلى مصر رغم الحصار الذي فرض عليهم من الجيش البلجيكي والفرنسي والبريطاني ، فعاشوا في مصر واحتموا بها واستقروا فيها .
أما المماليك الذين كان يطلق عليهم العبيد فقد قدموا من وسط بلاد روسيا إلى مصر بالآلاف وعاشوا فيها حتى وقعت مذبحة المماليك المعروفة .
إنها مصر ياسادة ( أم الدنيا )
التي اختارتها حفيدة سيد البشر محمد عليه الصلاة والسلام لتفر من جحيم موقعة الكربلاء وقتل معظم رجال اسرتها ومن اولهم اخوها الحسين فكانت مصر هي الملاذ فوصلت (السيدة زينب) حفيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائلتها الطاهرة من أهل البيت الشريف لمصر لتستقبلها ولازلنا نحتفل بقدومها إلى مصر كل عام في مولدها الشهير .
انها أم الدنيا التي هربت اليها عائلة سيدنا يوسف ، ومرت بأراضيها السيدة مريم وسيدنا عيسي ورحلة العائلة المقدسة .
إنها مصر يا سادة التي تحتضن أشقائها العرب وقت المحن والشدائد ولا تعاملهم معاملة اللاجئين أو المهاجرين .
إنها مصر يا سادة التي تعلم علي أرضها طاليس الذي تاثر بالاسطورة المصرية القديمة ، وفيثاغورس الذي زارها ودرس مع الكهنة وتعلم منهم علوم الفلك والنظريات الهندسية ، وافلاطون الذي شاهد عظمة الاثار واجتمع بكهنة عين الشمس ثم ارسطو الذي ذكرته الكتب بانه زار مصر منفردا وكتبا اخري ذكرت انه زارها مع الاسكندر الاكبر ثم هيرودوت صاحب مقولة مصر هبة النيل وكذلك الشاعر اليوناني هيرميروس .
وفي العصر الحديث وتحديدا في فيكتوريا كوليدج تلك المدرسة، التي وصفت بأنها القلعة البريطانية في الإسكندرية، حيث كان المصريون ينظرون لها باعتبارها مكانًا مهيبًا مخصصًا لأبناء الملوك، والأمراء، فهي التي درس بها الأمير عبد الإله ولي عهد العراق، والأمير فيصل آل سعود، والشيخ كمال أدهم مؤسس المخابرات السعودية، وعائلة عبد اللطيف الجميل، وعائلة بن لادن، وعائلات الشبكشي، والشربتلي، والشوربجي، وأبناء الملك السنوسي من ليبيا، وعائلات المهدي، والميرغني من السودان، وعائلات غندور، والصلح من لبنان، وجلالة الملك حسين من الأردن، والأمراء زيد بن شاكر، ورعد بن زيد وحاكم الشارقة سلطان القاسمي تخرج من زراعة القاهرة ورئيس الجزائر هواري بو مدين الذي درس في الازهر ورئيس العراق صدام حسين الذي درس الحقوق بالقاهرة .
أمرك غريب يا مصر !!! كل من كان يعاني من الحروب أو المجاعات لم يجد سواك ، ولما واجهتي نفس المصير في بعض الأزمنة لم يهجرك أهلك ولم يشكوا لحظة في حفظ الله لترابك ولحمة أبنائك .
أم الدنيا قليلة عليك ، فأنت أمها وستها وست ستها .