بسم الله الرحمن الرحيم
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
﴿المجادلة 11﴾
حبا الله مصر بنخب متميزة من علماء الإسلام والدعاة والمفسرين الذين ساهموا بواسع علمهم في نشر صحيح الدين في العالم ، ومّنَ الله على أهلها بعذوبة الصوت في قراءة القرآن الكريم وترتيله وتجويده ، وروعة الأداء في الإنشاد والابتهال .. ومن حق أولئك الذين أمتعونا أن نتذكرهم ولو باستعراض جزء من سيرتهم فإن فضلهم علينا عظيما ، وقصتنا اليوم مع:
( الشيخ محمد صديق المنشاوي)
الصوت الباكي الحزين ابن محافظة سوهاج ، والذي نشأ في أسرة قرآنية عريقة توارثت تلاوة القرآن أباً عن جد ، فوالده الشيخ صديق المنشاوي وجده تايب المنشاوي وشقيقه محمود المنشاوي من حفظة القرآن ومن قرائه ، ولهم مدرسة خاصة في التلاوة ، حفظ الشيخ محمد صديق المنشاوي القرآن الكريم وهو في الثامنة من عمره في بلدته المنشأة ليصبح فيما بعد واحداً من أهم وأعذب الأصوات في العالم الإسلامي .
ولد الشيخ محمد صديق المنشاوي في شهر يناير من عام 1920م ، وبعد أن أتم حفظ القرآن الكريم كاملاً أنتقل للعيش الدائم بالقاهرة ليتعلم علوم القرآن الكريم والقراءات ، وقد بدأ رحلته مع التلاوة بصحبة والده وعمه في السهرات والمناسبات الدينية المختلفة ، وللشيخ المنشاوي بصمة خاصة في التلاوة حيث يتقن جميع مقامات القراءة ويتأثر بالمعاني والألفاظ ويظهر ذلك بوضوح في نبرة صوته الخاشع الحزين لذلك أطلق عليه لقب ( الصوت الباكي ) ، لم يسع يوماً للالتحاق بالإذاعة المصرية رغم شهرته الواسعة وعندما طلبت منه الإذاعة الحضور إليها لاعتماده رفض وقال لا احتاج لذلك مما دعا الإذاعة أن تنتقل إليه بأجهزتها ومعداتها حيث كان يتلو لتسجل معه وتم اعتماده مقرئاً بالإذاعة في عام 1953م فسجل لها القرآن الكريم كاملاً في ختمة مرتلة وأخرى مجودة ، و تلى القرآن في المساجد الرئيسية في العالم الإسلامي كالمسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى في القدس ، وزار عدد كبير من العواصم الإسلامية .
لم يمهل القدر الشيخ محمد صديق المنشاوي ليواصل إبداعاته في تلاوة القرآن الكريم ، حيث انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الجمعة الموافق 20 يونيو 1969م عن عمر (49) عاماً بعد معاناة من مرض دوالي المريء الذي أصيب به في عام 1966م ولم يمنعه مرضه عن قراءة القرآن الكريم يوماً حتى وفاته ، ويظل صوته الشجي الحزين عالقاً في قلوب المسلمين في كل مكان وزمان .
رحم الله شيخنا الجليل فضيلة القارئ الشيخ / محمد صديق المنشاوي.