أبلت مصر بلاء حسنا أثناء الاعتداء الاسرائيلي على غزة حيث نجحت في التوصل لاتفاق ملزم بوقف اطلاق النار وفك الاشتباك بين الأطراف المتصارعةً مما أسعد شعوب المنطقة وحظى الاتفاق بترحيب عالمي وإشادة دولية من منظمات ودول عظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية ، ولأول مرة منذ انتخابه يجري الرئيس الاميركي بايدن اتصالا هاتفيًا بالرئيس عبدالفتاح السيسي ليعبر له عن تقدير بلاده لمساعي مصر الداعمة للأمن والاستقرار في المنطقة ، ثم يعود ويتصل بسيادته مرة أخرى بعد يومين فقط من المكالمة الأولى ليناقش معه آليات إعادة تعمير غزة بعدما أعلن الرئيس السيسي خلال زيارته لفرنسا عن تقديم مصر دعم بمبلغ خمسمائة مليون دولار للأشقاء في فلسطين مساهمة منها في اعادة تعمير ما خربته الحرب في غزة .
وبعد هذا الموقف المشرف من مصر رئيسًا وحكومة وشعبا فوجئنا بتصريحات قادة حماس وهم يتغنون بالدور الإيراني ويعلنون صراحة بأنها أمدتهم بالمال والسلاح وبمساعدتها تم تحقيق هذا النصر المبين على العدو الصهيوني وطلبوا أن توجه كل المساعدات الخاصة بإعادة تعمير غزة اليهم مباشرة .
إن العرب جميعا يسعدهم أن يحقق الأخوة في فلسطين النصر على الأعداء واستعادة حقوقهم المشروعة ولكن ما رأيناه عبر وسائل الأعلام لا يعكس ما صرح به قادة حماس فأعداد الشهداء والمصابين من أبناء شعبنا المناضل في الأراضي المحتلة كانت للأسف كبيرة وآثار الدمار والخسائر كانت هائلة ولا تقارن بما لحق بالإسرائيليين من خسائر في الأرواح أو في الممتلكات ، ومع ذلك نهنئهم على شجاعتهم في التصدي لهجمات المحتل وما احدثته صواريخهم من هلع بين المستوطنين بعد أن اخترقت القبة الدفاعية ووصلت الى العمق الاسرائيلي في عدد من المدن وان لم تصب أهدافها بدقة لكنها بثت الرعب في نفوسهم وأفقدتهم الثقة في قدراتهم .
والآن وقد أعلنت مصر عن رغبتها في إعادة تعمير غزة وأيدتها شقيقاتها من الدول العربية ، نأمل أن يتعلم العرب من دروس الماضي وأن توجه المساعدات لأبناء الشعب الفلسطيني مباشرة ولا تودع في الحسابات البنكية لشخصيات محسوبة على الفلسطينين كما كان يحدث من قبل ، فكم من أسماء تضخمت ثرواتهم وتوارثتها أجيال لم تطأ قدماهم أرض فلسطين الحبيبة قط ولا يعلمون عن قضيتها شيئا ولا يدرون أين موقعها على الخريطة .