لو تناولنا الأمنيات العامة التى نحلم أن نراها في مجتمعنا سنجدها كثيرة ، ومن أهم ما نتمناه :
عدم الهري
نتحدث كثيرا وفي كل صغيرة وكبيرة ، في أمور تهمنا أو لا تهمنا تخصنا أو لا تخصنا ، نفهم فيها أو لا نفهم ، سياسة ماشي ، اقتصاد مفيش مشكلة ، رياضة يا سلام ، فن ياجماله ، طبخ نحت رسم ، علوم أدب ثقافة فقه تفسير لغات ، تعليم صحة اجتماع ، وكله هري في هري .
نصف مشاكلنا في مصر تحدث بسبب كثرة الهري ، البيوت فيها هري ، النوادي نصفها هري ، المقاهي مليانة هري ، القنوات والبرامج تعج بالهري ، والهري ياجماعة معناه ” الهُراء” أي الكلام الفاضي أو الفارغ الذي لا يقدم ولا يأخر ، أما الانسان كثير الهري فهو الذي يتحدث في كل شيء وكأنه عالم ببواطن الأمور وخفايا الكواليس وما يدور في السر وما وراء العلن ، يفسر كل موضوع بطريقته دون مصدر ، وإذا جادلته يقول لك ( صدقني وبكرة تشوف ) .
لا أحد من البشر يفهم في كل شيء حتى الرسل سلام الله عليهم وأصحاب النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، لم يكن يفتون فيما لا يعلمون ، فقد كان سيدنا علي بن أبي طالب على المنبر ذات مرة ، وسأله أحدهم سؤالا فاجابه علي رضي الله عنه وقال له ” لا أدري ” فقيل له ليس هذا مكان الجهال ، فقال: هذا مكان الذي يعلم شيئاً ويجهل شيئاً ، وأما الذي يعلم ولا يجهل فليس له مكان.
لقد قال الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته خلال افتتاح مؤتمر حياة كريمة باستاد القاهرة الدولي ” لا تقلقوا من شيء ومن فضلكم عيشوا حياتكم وبلاش هري ” واعتقد ان هذه الرسالة مهمة للغاية بعدما زاد الهري بين المصريين عن سد النهضة مابين مخاوف وتحليلات ونصائح وشائعات وأكاذيب واجتهادات ، وكل ما يتم تداوله في هذا الشأن بعيد عن الحقيقة فالدولة المصرية جاهزة لكل الاحتمالات ولكل السيناريوهات ولديها ارادة سياسية نافذة وجيش قوي جاهز ، وكما قال الرئيس ليس كل ما يعرف يقال .
اتمنى أن نتوقف عن الهري ، فإذا لم نستطع فليكون هرينا قليلا وبعيدا عن الدين وعن السياسة لأنهما يمسان العقيدة والانتماء ، ولنهري في أي شيء آخر لا يضر ، ومن الأفضل أن نمنع الهري تماما لكي نتقدم ، فالشعوب المتحضرة لا تهري .