كلما قرأت قصة سيدنا إسماعيل عليه السلام أتوقف كثيرا أمام سيرته العطرة الحافلة بالطاعة والرضا والايمان ومسيرته الطيبة المليئة بالدروس والعبر والحكم ، فقد كان مسلما قبل أن يبعث أشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة المحمدية : “واذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا – وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا “.
وهنا ندرك الحكمة الإلهية من كل المواقف الصعبة التي مرت بحياة سيدنا اسماعيل منذ ولادته وحتى أصبح رسولا نبيا ، ونتأكد بأن كل ذلك لم يكن الا ترتيبا ربانيا .
فبسبب عطش سيدنا اسماعيل ضرب جبريل -عليه السلام- الأرض لينفجر من تحت قدمه بئر زمزم الذي يرتوي المسلمون من مائه الطيب حتى الآن كلما حجوا أو اعتمروا ، وبفضل هذه الواقعة الربانية يسعى المسلمون بين الصفا والمروة سبع مرات كما فعلت السيدة هاجر عندما كانت تبحث عن الماء لتروي عطش أبنها الرضيع الذي لم يكن قد بلغ الفطام بعد .
وبسبب ما رآه نبي الله إبراهيم في المنام وتأهبه لذبح أبنه اسماعيل تنفيذا لأمر الله وما انتهى اليه هذا الاختبار في اللحظة الأخيرة بأن فدى الله إسماعيل بذبح عظيم ، شرعت الاضحية على المسلمين منذ السنة الثانية من الهجرة إحياء لهذه الذكرى وموعظة للمتقين .
وبمساعدة سيدنا اسماعيل بنى سيدنا ابراهيم الكعبة المشرفة بعد أن امره الله ببناء بيته الحرام بمكة المكرمة ، فقاما يرفعان القواعد من البيت ، وكان إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني، واصبح الطواف بالكعبة من مناسك الحج والعمرة وفيها يقبل الدعاء {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ،
ونفخر نحن المصريون بسيدنا اسماعيل أشد الفخر لأن أمه كانت مصرية وهي السيدة هاجر زوجة سيدنا ابراهيم ، وكما كان اسماعيل مطيعا لأبيه كان بارا بأمه فقد عاش معها وظل يرعاها حتى توفاها الله ولم يتزوج الا بعد موتها .
ونفخر به أيضا رضي الله عنه لأنه أول من نطق العربية وقد نزل القرآن الكريم فيما بعد عربيا ، وقد تعلم سيدنا اسماعيل العربية من قبيلة جرهم التي سمحت لهم السيدة هاجر بالسكن بالقرب من بئر زمزم فاستقروا بالمكان ونشأت بينهم وبين سيدنا اسماعيل حب ومودة فاتقن اللغة العربية منهم وتفوق عليهم في نطقها ، كما تزوج منهم .
كل عام وأنتم بخير