وصفت فشل الإخوان في حكم مصر في الجزء الأول من هذه السلسلة ، بأنه كان الفشل الأعظم في تاريخ الحكم في العالم ، ولم أكن مبالغاً في وصفي ولا متحاملاً عليهم أو ظالماً لهم ، فهم من ظلموا أنفسهم بأيديهم ، وهم من صنعوا فشلهم وبددوا حلمهم ، وهم من نسفوا مشروعهم وفرقوا جماعتهم .
لقد سردت بعضاً من خطاياهم في عناوين دون إسهاب ، وكنت حليما في سردي فلم أذكر كل مساوئ فترة حكمهم التي اتسمت بالفوضى والتخبط والعشوائية ، لا خطط ولا برامج ولا سياسات ولا أهداف ، حتى مشروع النهضة الذي أعلنوا عنه وتغنوا به كان سراباً ، كثير من اللغط قليل من الاستماع ، قليل من الحوار كثير من العناد ، عشنا معهم أياماً عصيبة ، لم نكن نعلم إلى أين نتجه ، ومن هو حاكمنا الفعلي ؟ مرسي أم بديع أم الشاطر أم العريان أم التنظيم الدولي ، من له السلطة على أجهزة الدولة ؟ الكتاتني أم البلتاجي أم حجازي أم أبو إسماعيل ، أم مكتب الإرشاد ، بأي صفة يطل علينا المهندس خيرت الشاطر في قنوات الدولة ليعرض علينا أفكاره الاقتصادية العظيمة ، فهو ليس عضواً في الحكومة وليس له أي منصب سياسي ، وبأي صفة يحرك الدكتور محمد البلتاجي قوات الأمن كيفما يشاء ، وكيف له أن يعطي الأوامر لضباط الشرطة وهو ليس من منسوبي الداخلية ولا وزيرها ولم يرتد يوماً ردؤاها ، وما هي خبرات وسابقة اعمال الدكتور هشام قنديل ليصبح رئيسا لمجلس وزراء مصر ، وما هي المعايير التي تم على أساسها اختيار أصحاب المعالي الوزراء في حكومة الإخوان ؟ وما كل هذه الصلاحيات التي كانت تتمتع بها الدكتورة باكينام الشرقاوي بعد تعيينها مساعدا للرئيس والتي كانت تتجاوز بها كبار المسئولين في الدولة ، وبأي كينونة يخاطبنا يوميا الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل ، هل بصفته داعيا أم سياسيا أم أحق بالرئاسة ، وكيف يسمح له بحشد اتباعه أمام المنشآت العامة لترويع المواطنين وتهديد القضاة والإعلاميين ، وما كان دور الداعية صفوت حجازي في هذه المرحلة فقد كان ضيفا مستداما في جميع البرامج والقنوات يتحدث في كل شيء إلا تخصصه الذي عرفناه به وهو الخطابة الدينية وتفسير الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ، ولماذا أصبحت المساجد منبرا للخطب السياسية الممزوجة بالألفاظ الخارجة بدلا من الصلاة والعبادة والتقرب الى الله ، ولماذا منحت التصاريح لكل هذه القنوات الفضائية التي تدعو الى التمييز والعنصرية والفرقة والتحريض بين فئات المجتمع .
إذا كان هذا هو المشهد السائد ، فمن أين يأتي الاستقرار ، وكيف يتحقق النجاح !
وللحديث بقية.