بسم الله الرحمن الرحيم
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.. ﴿المجادلة 11﴾
حبا الله مصر بنخب متميزة من علماء الإسلام والدعاة والمفسرين الذين ساهموا بواسع علمهم في نشر صحيح الدين في العالم، ومّنَ الله على أهلها بعذوبة الصوت في قراءة القرآن الكريم وترتيله وتجويده، وروعة الأداء في الإنشاد والابتهال.. ومن حق أولئك الذين أمتعونا أن نتذكرهم ولو باستعراض جزء من سيرتهم فإن فضلهم علينا عظيما، وقصتنا اليوم مع:
( الشيخ علي محمود )
سيد القراء وإمام المنشدين، سبق عصره بموهبته الروحانية وكان علامة فارقة في تاريخ القراءة والتلاوة في مصر والعالمين العربي والإسلامي وتتلمذ علي يديه كل القراء والمنشدين الذين أتوا من بعده ومن بينهم القارئ الكبير الشيخ محمد رفعت ، والشيخ طه الفشني ، والشيخ كامل يوسف البهتيمي ، والشيخ محمد الفيومي.
ولد الشيخ على محمود في عام 1878م في حارة درب الحجازي بالجمالية بحي الحسين بالقاهرة، تعرض لحادث خلال طفولته أدى إلى فقدانه البصر، التحق بالكتاب وهو صغيراً بمسجد فاطمة أم الغلام بالجمالية وحفظ القرآن الكريم على يد محفظ القرآن بالمسجد الشيخ أبو هاشم الشبراوي ودرس علوم القرآن وجوده وأخذ قراءاته على يد الشيخ مبروك حسنين ، ثم درس الفقه على يد الشيخ عبد القادر المزني ، ذاع صيته بعد ذلك كثيراً بعد أن قرأ في مسجد الحسين حتى أصبح أشهر قرائه ، وعلا شأنه وصار حديث العامة والخاصة.
بعد حفظه للقرآن الكريم وعلومه الفقهية، درس الموسيقى على يد الشيخ إبراهيم المغربي، وعرف ضروب التلحين والعزف وحفظ الموشحات، كما درسها أيضاً على يد شيخ أرباب المغاني محمد عبد الرحيم المسلوب، بلغ الشيخ على محمود من العبقرية حداً لا يصدق حيث كان يؤذن للجمعة في الحسين كل أسبوع أذاناً على مقام موسيقي لا يكرره إلا بعد سنة، كما صار منشد مصر الأول الذي لا يعلى عليه في تطوير وابتكار الأساليب والأنغام والجوابات.
رحل الشيخ علي محمود في الحادي والعشرين من ديسمبر عام 1946م، ولم تتمكن الإذاعة المصرية من تسجيل عدد كبير من قراءاته وابتهالاته لوفاته بعد بضع سنين من إنشائها ، لكن ما تم تسجله له يعد إبداعاً بكل المقاييس.
رحم الله شيخنا الجليل قارئنا ومنشدنا فضيلة الشيخ/ علي محمود