بسم الله الرحمن الرحيم
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
﴿المجادلة 11﴾
حبا الله مصر بنخب متميزة من علماء الإسلام والدعاة والمفسرين الذين ساهموا بواسع علمهم في نشر صحيح الدين في العالم ، ومّنَ الله على أهلها بعذوبة الصوت في قراءة القرآن الكريم وترتيله وتجويده ، وروعة الأداء في الإنشاد والابتهال .. ومن حق أولئك الذين أمتعونا أن نتذكرهم ولو باستعراض جزء من سيرتهم فإن فضلهم علينا عظيما ، وقصتنا اليوم مع :
( الشيخ عبد الباسط عبد الصمد)
لا أحد يتفوق عليه في شعبيته ولا حلاوة صوته وعذوبته ، وما نال أحداً من حب أو تقدير أو تكريم في حياته وبعد مماته كما نال الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله ، كان يمتلك صوتاً ملائكياً وأسلوباً فريداً جعلاه سفيرا لكتاب الله حول العالم ، واستحق أن يلقب بـ”الحنجرة الذهبية” و”صوت مكة”.
ولد الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد عام 1927م بقرية المراعزة التابعة لمركز أرمنت بمحافظة قنا ، حيث نشأ في بيئة حافظة للقرآن الكريم ، فجده الشيخ عبد الصمد ووالده الشيخ محمد وشقيقاه محمود وعبد الحميد كانوا من الحفظة المشهود لهم بالتمكن في التلاوة والتجويد بالأحكام ، وقد تمكن الشيخ عبد الباسط الأبن الأصغر سناً في هذه العائلة أن يحفظ القرآن وهو في العاشرة من عمره على يد الشيخ محمد الأمير شيخ كتاب قريته ، وتعلم علوم القرآن والقراءات السبع على يد الشيخ محمد سليم ، وما أن بلغ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد الثانية عشرة من العمر حتى انهالت عليهِ الدعوات من كل مدن وقرى محافظة قنا وذاع صيته فيما بعد في أرجاء الجمهورية ، فانتقل للإقامة في القاهرة مع أسرته وتحديداً في حي السيدة زينب ، وسرعان ما فتحت له الأبواب فدخل الإذاعة المصرية سنة 1951م وكانت أول تلاواته آيات بينات من سورة فاطر ، وبسببه زاد الإقبال على شراء أجهزة الراديو وتضاعف إنتاجها في ذلك الوقت وانتشرت بمعظم البيوت المصرية للاستماع إلى صوته.
في عام 1952م عين الشيخ عبد الباسط عبد الصمد قارئًا لمسجد الإمام الشافعي ، ثم قارئاً لمسجد الإمام الحسين سنة 1958م ، جاب العالم شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً وقرأ القرآن في أشهر المساجد في العالم مثل المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس وكذلك المسجد الإبراهيمي في الخليل بفلسطين والمسجد الأموي في دمشق وأكبر المساجد فيآسيا وأفريقيا والولايات المتحدة وفرنسا ولندن والهند والعراق ومعظم دول العالم.
توفي الشيخ عبد الباسط عبد الصمد يوم الأربعاء 30 نوفمبر 1988م وترك لنا إرثاً جميلاً من التسجيلات المرتلة والمجودة التي نستمتع بسماها حتى يومنا هذا .
رحم الله شيخنا الجليل فضيلة القارئ الشيخ/ عبد الباسط عبد الصمد.