بسم الله الرحمن الرحيم
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
﴿المجادلة 11﴾
حبا الله مصر بنخب متميزة من علماء الإسلام والدعاة والمفسرين الذين ساهموا بواسع علمهم في نشر صحيح الدين في العالم ، ومّنَ الله على أهلها بعذوبة الصوت في قراءة القرآن الكريم وترتيله وتجويده ، وروعة الأداء في الإنشاد والابتهال .. ومن حق أولئك الذين أمتعونا أن نتذكرهم ولو باستعراض جزء من سيرتهم فإن فضلهم علينا عظيما ، وقصتنا اليوم مع:
الدكتور عبد الله شحاتة
أحد العلماء البارزين في علوم تفسير القرآن الكريم ، عرفناه من خلال برامجه الدينية في فترة التسعينيات ، ومن أشهرها “حديث الروح – دنيا ودين – رب اشرح لي صدري” أحببناه وتعلقنا به منذ إطلالته الأولى لبشاشة وجهه وهدوء صوته وغزارة علمه ، إنه الدكتور عبدالله محمود شحاتة الذي ولد في شهر مايو من عام 1930م بقرية نادر بمحافظة المنوفية وحفظ القرآن الكريم في كتابها وتلقى تعليمه الأساس بالأزهر وكان من أوائل خريجي مدارسها الثانوية .
حصل الدكتور عبد الله شحاتة على شهادة ليسانس اللغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة ، ومن نفس الكلية نال درجة الماجستير في التفسير ودرجة الدكتوراه في علوم القرآن ، وقد عمل في بداية حياته إماماً وخطيباً لمسجد الإمام الشافعي ، ثم عين مدرساً بقسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم ، وتدرج في سلك التدريس بنفس القسم أستاذاً مساعداً ، ثم أستاذاً ، فرئيساً للقسم .
وقد عمل أستاذاً زائراً بجامعة أم درمان الإسلامية بالسودان ، وبجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالمملكة العربية السعودية ، ثم أعير إلي جامعة الإمارات العربية المتحدة بالعين ، وطاب له المقام في جامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان حتى استقال منها وتفرغ لتفسير القرآن الكريم حتى أنجزه بالكامل في عام 2001م قبل أن يلقي ربه بعام واحد .
وللدكتور عبد الله شحاتة حلقة شهيرة من برنامج كان يقدمه عبر قناة أقرأ حيث تلقى مكاملة من سيدة قالت فيها أنها فعلت ذنبا كبيرا وتشعر أن الله لن يغفر لها فأخبرها أن الله يغفر الذنوب جميعا إلا الشرك ، فقالت له أنها حجت بيت الله الحرام سبع مرات ولم ترى عينها الكعبة في أي مرة من المرات السبع رغم أنها كانت قريبة منها ولمستها بيدها ، فاندهش الدكتور وطلب منها أن تذكر الذنب الذي فعلته في حياتها فقالت له أنها كانت على علاقة محرمة بأحد الأشخاص فقال لها إن الزنا كبيرة من الكبائر لكن لا أظن أنها تفعل ذلك بصاحبها ، فأقرت بذنبها الحقيقي حيث قالت أنها كانت تعمل ممرضة وتعرفت على دجال كان يعطيها المال مقابل أن تضع الأعمال السحرية داخل فم الموتى وتقوم بخياطتها حتى لا يمكن لأحد الوصول إليها أو إبطالها ، فثار عليها الدكتور رحمه الله وقال لها لقد أشركتي بالله العلي العظيم ، وفي مداخلة لأبن هذه الممرضة مع الدكتور عبدالله بعد أسبوعين من حلقة أمه ، قال الأبن أن أمه توفت وعند دفنها كانت تضيق حفرة القبر فما استوعبت جثمانها فهرب الناس جميعا وأتت صاعقة قوية ضربت جسد أمه واحرقت وجهي فلا أعلم إذا كان الله غاضبا مني أم لا، فقال للمتصل لعل الله أراد أن يطهرك حيث أن والدتك أنفقت عليك من أموال حرام فاتق الله وارضى بما قسمه لك.
وللدكتور عبد الله شحاتة العديد من المؤلفات الدينية التي كان يؤكد فيها على وسطية الإسلام وبيان آدابه ونظمه ، ومن بين مؤلفاته : تفسير القرآن الكريم – تفسير الآيات الكونية ـ الأشباه والنظائر في القرآن – المرأة في الإسلام ـ أركان الإسلام ـ علوم الدين الإسلامي ـ في نور القرآن ـ علوم الحديث – قضايا الإسلام – الدعوة الإسلامية والإعلام الديني – مفتاح السنّة – علوم النفس ـ الدين والحياة.
توفي الدكتور عبد الله شحاتة ( رحمه الله ) في شهر يونيو من عام 2002م داخل إحدى مستشفيات القاهرة بعد معاناة مع المرض.
رحم الله عالمنا الجليل فضيلة الدكتور/ عبدالله شحاتة.