بسم الله الرحمن الرحيم
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
﴿المجادلة 11﴾
حبا الله مصر بنخب متميزة من علماء الإسلام والدعاة والمفسرين الذين ساهموا بواسع علمهم في نشر صحيح الدين في العالم ، ومّنَ الله على أهلها بعذوبة الصوت في قراءة القرآن الكريم وترتيله وتجويده ، وروعة الأداء في الإنشاد والابتهال .. ومن حق أولئك الذين أمتعونا أن نتذكرهم ولو باستعراض جزء من سيرتهم فإن فضلهم علينا عظيما ، وقصتنا اليوم مع:
(الشيخ إبراهيم عبد الفتاح الشعشاعي)
الشيخ إبراهيم الشعشاعي هو أبن عمدة التلاوة القارئ ..خير خلف لخير سلف
الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي الذي توفى في عام 1962م ، والذي ورث عنه حلاوة الصوت وتعلم على يديه القراءة والتلاوة وكان مصاحباً له في كل أمسياته ومشاركاته وهو حياً وسار على دربه بعد مماته ، فكان امتدادا له ومكملاً لمسيرته الروحانية والإيمانية فتعلق بصوته الملايين من المسلمين حول العالم .
ولد الشيخ إبراهيم في العاشر من يوليو من عام 1930م في حي الدرب الأحمر بالقاهرة ، حفظ القرآن الكريم صغيراً وتعلم علومه وقراءاته، ودرس الموسيقى العربية في معهد فؤاد الأول للموسيقى، وقد تواصلت المسيرة العلمية للشيخ ابراهيم بالتحاقه بالمعهد الأزهري الذي حصل منه على درجة علمية قبل أن يدْرس علم المقامات على يد الشيخ درويش الحريري ، وقد بدأ نجم الشيخ إبراهيم يلمع إلى جانب والده في أوائل الخمسينيات الميلادية ، إلا أنه لم يتلو القرآن أمام الناس حتى بلغ الرابعة والعشرين من عمره ، حينها لاقت تلاواته إعجابا مهما وإقبالا منقطع النظير، فشجعه شيوخه وأصدقاؤه والمقربون منه على الاستمرار في هذا المجال، وقد ساعده تميزه في التلاوة وتألقه في ترتيل آيات الله على الالتحاق بالإذاعة المصرية سنة 1968م ليصبح من وقتها أحد قرائها الثابتين والبارزين.
عمل الشيخ ابراهيم عبد الفتاح الشعشاعي قارئاً للسورة بمسجد السيدة زينب رضي الله عنها ، وهو نفس العمل الذي شغله والده قبله حتى وفاته، ويعود السبب في شغله لهذا المنصب إلى إعجاب القائمين على المسجد بصوته القوي، وقراءته بعدة روايات بينها رواية ورش عن نافع، إضافة إلى تمكنه من أحكام الوقف والابتداء، وقواعد الاتزان، وفوق هذا وذاك لأن قراءته كما يصفها معجبوه تتميز بالوقار والاحترام.
وطوال مسيرته القرآنية، تلقى الشيخ ابراهيم عبد الفتاح الشعشاعي دعوات من مختلف أنحاء العالم، فسافر وارتحل في العديد من البلدان، وصدحت حنجرته فيها بآيات الله فبكى وأبكى الناس معه. وقد كانت تسبقه شهرة أبيه في كل مكان يحل به فكان يعتبر ذلك مدعاة للفخر والاعتزاز وكان يرى شرفا له أن يكمل مسيرة والده القرآنية. وبعد سنوات من الجهد والعطاء شاء الله تعالى فقبض إليه روح هذا القارئ المتميز، ليشيعه جمع غفير من الناس إلى مثواه الأخير سنة 1992م.
رحم الله شيخنا الجليل فضيلة القارئ الشيخ / إبراهيم الشعشاعي.