بسم الله الرحمن الرحيم
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
﴿المجادلة 11﴾
حبا الله مصر بنخب متميزة من علماء الإسلام والدعاة والمفسرين الذين ساهموا بواسع علمهم في نشر صحيح الدين في العالم ، ومّنَ الله على أهلها بعذوبة الصوت في قراءة القرآن الكريم وترتيله وتجويده ، وروعة الأداء في الإنشاد والابتهال .. ومن حق أولئك الذين أمتعونا أن نتذكرهم ولو باستعراض جزء من سيرتهم فإن فضلهم علينا عظيما ، وقصتنا اليوم مع:
( الشيخ راغب مصطفى غلوش)
قبل أن يبلغ الثامنة من عمره أصبح حديث أهل قريته لموهبته الفريدة وصوته الجميل وقدرته على تقليد أصوات مشاهير القراءة في مصر وتقمص أسلوبهم ، وما أن بلغ الخامسة عشرة حتى حقق شهرة واسعة في القرى المجاورة وانهالت عليه الدعوات من كافة إنحاء المحافظة .. إنه القارئ الشيخ راغب مصطفى غلوش الذي ولد في الخامس من يوليو سنة 1938م في قرية برما بمركز طنطا بمحافظة الغربية.
منذ والدته تنبأ له والده بأن يكون أحد علماء الدين في مصر فألحقه بكتاب القرية ثم بمعهد القراءات بالمسجد الأحمدي ، فحفظ القرآن وتعلم علوم التجويد والقراءات والأحكام وأصبح مؤهلاً ليكون قارئا للقرآن الكريم ، فبدأ بالقراءة في ذات المسجد يومياً وكان متأثراً كثيراً بالقارئ الشيخ مصطفى إسماعيل واستطاع أن يقلده وتمنى أن يبلغ يوماً مكانته .
وحين بلغ العشرون من عمره ، لبى نداء الوطن والتحق بالخدمة العسكرية ، ويشاء القدر أن ينضم لقوات الأمن المركزي بالدراسة بالقرب من مسجد الحسين ، فكان حريصاً على المواظبة على الصلاة في هذا المسجد العريق كلما أتيحت له الفرصة فتعرف على شيخ المسجد آنذاك وقرأ أمامه ما تيسر من القرآن ، ولما لاحظ أعجابه الشديد بصوته طلب منه أن يسمح له بالأذان وقراءة عشر قبل إقامة الصلاة، فقال له إذا تأخر الشيخ طه الفشني فسيكون لك نصيب وتؤذن العصر وتقرأ العشر ، وحدث ذلك بالفعل في أحد أيام شهر رمضان المبارك فأذن لصلاة العصر بزيه العسكري كما لو أن الشيخ مصطفى هو الذي يؤذن ، ثم قرأ العشر وبدأ بسورة الحاقة فأحدث نوعاً من الإبهار بين المصلين وجذب بصوته جموعاً من المقيمين بالمنطقة والمارين بها إلى داخل المسجد الذين أخذوا في تشجيعه والثناء عليه مع كل آية يقرأها، وسبحان الله الذي كتب له أن يلتحق بهذا السلاح ليحظى بشرف القراءة في وأحد من أشهر المساجد في مصر مسجد قارئه هو الشيخ محمود خليل الحصري ومؤذنه هو الشيخ طه الفشني وخطيبه هو الشيخ محمد الغزالي.
وقبل أن ينهي تجنيده تقدم لاختبارات الإذاعة ، ومن بين مائة وستبن مختبراً اجتاز الشاب المجند راغب مصطفى غلوش المرحلة الأولى ووصل للتصفية الأخيرة مع سبعة من المتقدمين ، حتى تلقى خطاب القبول بالإذاعة في اليوم التالي من إنهاء خدمته العسكرية، ليصبح أصغر قارئ بالإذاعة في عصرها الذهبي وذلك عام 1962م وسجل القرآن مرتلاً لعدد من الإذاعات العربية التي دأبت على إذاعته حتى اليوم.
توفي الشيخ راغب مصطفى غلوش في الرابع من فبراير من عام 2016م عن عمر يناهز 77 سنة قضى أكثر من ستين سنة منها في تعلم القرآن الكريم وقراءته وخدمة المسلمين في العالم .
رحم الله شيخنا الجليل فضيلة القارئ الشيخ / راغب مصطفى غلوش.
》انتهت سلسلة شيخ وقصة لرمضان ٢٠٢١ -١٤٤٢ وكل عام وانتم بخير.