سيظل الصراع بين بني البشر مشتعلا حتى قيام الساعة ، فما حدث لفتاة البوركيني ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير فثقافة الاختلاف وقبول الآخر غائبة في محيطنا العربي وهي الحاضر الغائب في المجتمعات الغربية التي تدعي التحضر وتنادي بحرية الرأي والتعبير بينما واقعها القديم والحديث يتحدث عن انتهاكاتها الفظيعة لحقوق الانسان في الدول التي استعمرتها ونهبت خيراتها وتعاملها اللا انساني مع المهاجرين واللاجئين لأراضيها حتى السياح منهم لم يسلموا من حالات التنمر والأذى ونظرات الاستعلاء ، وهلم جرا .
وليس دقيقا ما صرحت به فتاة البوركيني من أنها لم تشعر بهذه التفرقة الا في مصر وأنها تعيش في كندا بكامل حريتها وترتدي هذا المايوه الشرعي دون أن يتعرض لها أحد ، فالواقع يقول أن دول أوروبية عدة تمنع الحجاب والنقاب على أراضيها والبوركيني في شواطئها ، ففي عام ٢٠١٦م أصدرت مدينة نيس الفرنسية مرسومًا يمنع ارتداء زى البحر الإسلامى «البوركينى» على شواطئ البلدة، قائلةً إنه يتحدى قوانين فرنسا العلمانية ووصل الجدل حول «البوركينى» إلى إيطاليا والنمسا ودول أخرى .
وبالمناسبة فالبوركيني هذا تم تصميمه في عام ٢٠٠٧ ولم يكن مخصصا لسباحة المحجبات بل صممته سيدة مسلمة من استراليا للمسلمات العاملات في مجال الانقاذ وكان يتكون من قطعتين باللونين الأصفر والأحمر تغطيان الرأس والجسم ، ولكنه وجد إقبالا منقطع النظير بين السيدات وصارت له براندات عالمية وتصميمات وصيحات مختلفة ، والعجيب أن هذا الزي المخصص للمسلمات لا ينتج ولا يصنع في أي دولة اسلامية ، والأعجب أن إسرائيل هي أكبر دولة في العالم مصنعة ومصدرة للبوركيني تليها الصين .
وبالعودة لفتاة البوركيني التي تعرضت للمنع من دخول حمام السباحة بالمجمع السكني سنجد أن فتيات البكيني أيضا يتعرضن للتنمر والتحرش في الشواطىء العامة والمنتجعات الخاصة ، كما أن ارتداء الفساتين المحتشمة أصبح مثار تهكم ولغط من البعض كما حدث مع طالبة جامعة طنطا التي ذهبت للامتحانات بفستان أنيق محتشم ولم تسلم من ألسنة المراقبين في اللجنة والتي قالت أنهم تأمروا عليها ولفقوا لها تهمة الغش .
نحن ضد التفرقة بكافة أشكالها فلكل انسان الحرية في اختيار مأكله ومشربه ومسكنه وملبسه وفكره وتوجهه دون تطرف أو إيذاء ، ونحن ضد الحكم على الأشخاص من مناظرهم فليس كل محجبة متدينة وليس كل متحررة لا تصلي وليس كل ملتحي رجل دين ..
فلينظر كل منا الى نفسه ، وكفانا الله شر المستخبي .